responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 198

أنّه في تقدير محذوف، و أن معناه الآن كالمعنى إذا قلت: «بدت مثل قمر، و مالت مثل خوط بان، و فاحت مثل عنبر، و رنت مثل غزال»، في أنّا نخرج إلى الغثاثة، و إلى شي‌ء يعزّل البلاغة عن سلطانها و يخفض من شأنها، و يصدّ أوجهنا عن محاسنها، و يسدّ باب المعرفة بها و بلطائفها علينا.

فالوجه أن يكون تقدير المضاف في هذا على معنى أنّه لو كان الكلام قد جي‌ء به على ظاهره و لم يقصد إلى الذي ذكرنا من المبالغة و الاتساع، و أن تجعل الناقة كأنها قد صارت بجملتها إقبالا و إدبارا، حتى كأنها قد تجسّمت منهما، لكان حقّه حينئذ أن يجاء فيه بلفظ «الذات» فيقال: «إنما هي ذات إقبال و إدبار». فأمّا أن يكون الشعر الآن موضوعا على إرادة ذلك و على تنزيله منزلة المنطوق به حتّى يكون الحال فيه كالحال في:

حسبت بغام راحلتي عناقا حين كان المعنى و القصد أن يقول: «حسبت بغام راحلتي بغام عناق»، فمما لا مساغ له عند من كان صحيح الذوق صحيح المعرفة، نسّابة للمعاني.

فصل‌

هذه مسألة قد كنت عملتها قديما، و قد كتبتها هاهنا لأن لها اتصالا بهذا الذي صار بنا القول إليه. قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‌ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ‌ [ق:

37]، أي لمن أعمل قلبه فيما خلق القلب له من التدبّر و التفكّر و النّظر فيما ينبغي أن ينظر فيه. فهذا على أن يجعل الذي لا يعي و لا يسمع و لا ينظر و لا يتفكّر، كأنه قد عدم القلب من حيث عدم الانتفاع به، و فاته الذي هو فائدة القلب و المطلوب منه، كما يجعل الذي لا ينتفع ببصره و سمعه و لا يفكر فيما يؤدّيان إليه، و لا يحصل من رؤية ما يرى و سماع ما يسمع على فائدة، بمنزلة من لا سمع له و لا بصر.

فأما تفسير من يفسّره على أنه بمعنى «من كان له عقل»، فإنه إنما يصحّ على أن يكون قد أراد الدّلالة على الغرض على الجملة. فأما أن يؤخذ به على هذا الظاهر حتى كأن «القلب» اسم «للعقل»، كما يتوهمه الحشو و من لا يعرف مخارج الكلام، فمحال باطل، لأنه يؤدي إلى إبطال الغرض من الآية، و إلى تحريف الكلام عن صورته، و إزالة المعنى عن جهته. و ذاك أنّ المراد به الحثّ على النّظر، و التقريع على تركه، و ذمّ من يخل به و يعقل عنه. و لا يحصل ذلك إلا بالطّريق الذي قدّمته، و إلّا بأن يكون‌

نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست