نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 134
و كما يقال: «جاد حتى كأن لم يعرف لأحد جود، و حتّى كأن قد كذب
الواصفون الغيث بالجود»، كما قال: [من البسيط]
أعطيت حتّى تركت الرّيح حاسرة
و جدت حتّى كأنّ الغيث لم يجد
هذا فصل في «الذي» خصوصا
اعلم أن لك في «الذي» علما كثيرا،
و أسرارا جمّة، و خفايا إذا بحثت عنها و تصوّرتها اطلعت على فوائد تؤنس النفس و
تثلج الصدر بما يفضي بك إليه من اليقين، و يؤدّيه إليك من حسن التبيين.
و الوجه في ذلك أن تتأمّل عبارات
لهم فيه لم وضع، و لأيّ غرض اجتلب، و أشياء و صفوه بها. فمن ذلك قولهم: «إنّ الذي»
اجتلب ليكون وصلة إلى وصف المعارف بالجمل، كما اجتلب «ذو» ليتوصّل به إلى الوصف
بأسماء الأجناس»، يعنون بذلك أنك تقول: «مررت بزيد الذي أبوه منطلق» و «بالرجل
الذي كان عندنا أمس»، فتجدك قد توصّلت ب «الذي» إلى أن أبنت زيدا من غيره، بالجملة
التي هي «أبوه منطلق» و لو لا «الذي» لم تصل إلى ذلك كما أنك تقول: «مررت برجل ذي
مال» فتتوصّل ب «ذي» إلى أن تبين الرجل من غيره بالمال، و لو لا «ذو» لم يتأتّ لك
ذلك، إذ لا تستطيع أن تقول: «برجل مال» فهذه جملة مفهومة؟ إلا أن تحتها خبايا
تحتاج إلى الكشف عنها. فمن ذلك أن تعلم من أين امتنع أن توصف المعرفة بالجملة، و
لم لم يكن حالها في ذلك حال النّكرة التي تصفها بها في قولك: «مررت برجل أبوه
منطلق»: و «رأيت إنسانا تقاد الجنائب بين يديه».
و قالوا: إنّ السبب في امتناع ذلك:
أنّ الجمل نكرات كلّها، بدلالة أنها
[1] البيت: للبحتري في مدح محمد بن حميد بن عبد الحميد الطوسي
(الديوان 2/ 425). حاسرة:
حسر البصر: كلّ و انقطع من طول
المدى القاموس «حسر»
[479] .
[2] ذكره ابن منظور في اللسان مادة «لذا» (15/ 245).
[3] الجنائب: رجل جنيب كأنه يمشي في جانب و الجنيبة الدابة:
القاموس «جنب»
[88] .
نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 134