نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 100
القول في الحذف
هو باب دقيق المسلك، لطيف المأخذ،
عجيب الأمر، شبيه بالسّحر، فإنك ترى به ترك الذّكر، أفصح من الذكر، و الصّمت عن
الإفادة، أزيد للإفادة، و تجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، و أتمّ ما تكون بيانا
إذا لم تبن.
و هذه جملة قد تنكرها حتى تخبر، و
تدفعها حتى تنظر، و أنا أكتب لك بديئا أمثلة مما عرض فيه الحذف، ثم أنبهك على صحّة
ما أشرت إليه، و أقيم الحجّة من ذلك عليه. أنشد صاحب الكتاب: [من البسيط]
اعتاد قلبك من ليلى عوائده
و هاج أهواءك المكنونة الطلل
ربع قواء أذاع المعصرات به
و كلّ حيران سار ماؤه خضل
قال: أراد، «ذاك ربع قواء أو هو
ربع». قال: و مثله قول الآخر: [من البسيط]
هل تعرف اليوم رسم الدّار و الطّللا
كما عرفت بجفن الصّيقل الخللا
دار لمروة إذ أهلي و أهلهم
بالكانسيّة نرعى اللّهو و الغزلا
كأنه قال: تلك دار. قال شيخنا رحمه
اللّه: و لم يحمل البيت الأول على أن «الرّبع» بدل من «الطّلل»، لأن الرّبع أكثر
من الطّلل، و الشيء يبدل مما هو مثله أو أكثر منه، فأما الشيء من أقلّ منه ففاسد
لا يتصوّر. و هذه طريقة مستمرّة لهم إذا ذكروا الديار و المنازل.
و كما يضمرون المبتدأ فيرفعون، فقد
يضمرون الفعل فينصبون، كبيت الكتاب أيضا: [من البسيط]
[1] هو سيبويه، و نسبهما البغدادي في شرح المغني لعمر بن أبي
ربيعة، و ليسا في ديوانه، و القواء:
المكان القفر. أذاع المعصرات به:
و هي الرياح العاصفات ذوات الغبار. و الرهج، و أذاع به، ذهبت به و طمست معالمه، و حيران:
صفة لمحذوف، و هو السحاب المتردد، و سار: يسير ليلا، و ماؤه خضل: يحمل ماء غزيرا.
[2] البيتان في الكتاب لسيبويه: (1/ 282)، و ينسبان لعمر بن أبي
ربيعة، و هما في ملحقات ديوانه
[497] ، و البيت الثاني في اللسان (كنس) بدون نسبة.
الخلل: جمع خلة بالكسر، و هي بطانة يغشى بها تنقش بالذهب، و الصيقل: شحاذ السيوف و
جلاؤها. مروة: اسم صاحبته، الكانسية:
موضع. نرعى اللّهو و الغزل:
نلتزمهما و نحافظ عليهما و شبه رسوم الدار في اختلافها أو حسنها في عينه بخلل جفون
السيوف التي صنعها الصيقل.