كما تقول: قائم و قائمة، و لم يجعل العلامة بالنقص في اللفظ الذي هو
الأصل لئلا يزول معناه، و إنما خص المؤنث بالياء علامة، لأن علامة التأنيث قد تكون
بالكسر و بالياء في نحو: هذي أمة اللّه، و رأيتك ذاهبة.
فإن قال قائل/ من أين زعمتم أن الياء في تضربين ضمير الفاعل دون أن
تكون علامة محضة؟.
قيل إذا[1]ثنّينا أسقطنا الياء فقلنا: أنتما تضربان، فلو كانت الياء علامة محضة
لم يجز إسقاطها، ألا ترى أنك تقول: قامتا، و ذهبتا، فثبتت التاء مع إدخال الضمير،
فلما سقطت الياء علمنا أنها ضمير الفاعل لأن الألف تكفي[2]منها و ليست بعلامة محضة و لكنها
علامة و ضمير، و إنما زيدت عليها النون لأن الفعل لما ظهر فاعله، و الفعل و الفاعل
بمنزلة شيء واحد، لم يخرج الفعل بإظهار الفاعل عما يوجب له[3]الإعراب، إذ كانت المضارعة ثانية
له و قد بطل أن يكون آخر الفعل حرف الإعراب لأنه قد لزمه اللين من أجل الياء، فوجب
أن تجعل فيه علامة الإعراب، و قد بينا أن النون تشبه حروف المد و هي أولى بالزيادة
بعدها فزيدت النون، و جعلت علامة للرفع بمنزلة الضمة فلهذا زيدت النون.
و أما الغائب فجعل لفظ المذكر المخاطب للمؤنث الغائب كقولهم: هي
تقوم، و إنما وجب ذلك لأن صيغة الفعل يكتفى بها في العلامة من غير زيادة لفظ آخر و
جعلوا للمذكر الغائب الياء فوقع الفصل بينهما بالياء و النون كقولك: يضربن لجماعة
المؤنث، و هم يضربون لجماعة المذكر.