فمن حيث كان الغالب على الدار التأنيث وجب أيضا أن يغلب على البلدان
التأنيث و اللّه أعلم.
باب ما كان من أسماء النساء معدولا
اعلم أن ما كان على (فعال) تريد به الأمر فإنما استحق البناء لأنه
قام مقام فعل الأمر كقولهم: تراك زيدا، تريد: اترك زيدا، و كذلك مناع زيدا، أي
امنع زيدا[1]، فلما قام مقام فعل وجب أن يبنى على السكون، فالتقى في آخره ساكنان
فكسر الآخر لالتقاء الساكنين على أصل ما يجب فيهما إذا التقيا.
و اعلم أن سيبويه يجيز القياس على ما سمع من كلام العرب في هذا
الباب، فيجيز ضراب[2]زيدا، أي اضرب زيدا، و إنما جاز القياس على دراك و بابه لكثرة العدل
في باب الأفعال الثلاثية، فلما كثر و اطرد أجاز القياس عليه، و أما ما كان معدولا
من الفعل الرباعي فالقياس لا يجوز عليه؛ لأنه لم يسمع إلا في حرفين أحدهما عرعار[3]و هي/
لعبة يلعبون بها و قرقار من السحاب المقرقر بالرعد كما قال الشاعر[4]:
[3]قال سيبويه:" اعلم أن فعال جائزة من كل
ما كان على بناء فعل أو فعل أو فعل، و لا يجوز من أفعلت لأنا لم نسمعه من بنات
الأربعة إلا أن تسمع شيئا فتحيزه فيما سمعت و لا تجاوزه فمن ذلك قرقار و عرعار
..." 2/ 41 (بولاق).
[4]البيتان منسوبان إلى أبي النجم العجلي في
اللسان (قرر) 6/ 399، و في الخزانة 6/ 307، و قد أورد البغدادي بيتا آخر مكان
البيت الثاني، و الشاهد مذكور أيضا في الكتاب 3/ 276، و المساعد 2/ 649، و في شرح
المفصل 4/ 51، و في ارتشاف الضرب 3/ 198.
أما معنى البيت فكما جاء في شرح المفصل:" أي قالت: قرقر
بالرعد كأنها أمرت السحاب بذلك، أي ألقحته و هيجت رعده، و هو مأخوذ من قرقر البعير
إذا صفا صوته و رجع، و بعير قرقار الهدير إذا كان صافي الصوت في هديره ..." و
جاء في الحاشية من الصفحة نفسها نسبة للأعلم:" وصف سحابا هبت له ريح الصّبا و
ألقحته و هيجت رعده، فكأنها قالت له: قرقر بالرعد، أي صوت، و القرقرة: صوت الفحل
من الإبل ..." 4/ 52.