نقيضة (ربّ) و (ربّ) تقع صدر الكلام لأن فيها معنى النفي] إذ كانت
القلة نفي الكثرة، فلما دخلها معنى النفي و النفي له صدر الكلام حملت عليها لما
ذكرناه.
فإن قال قائل: فلم جاز أن يعمل
فيها ما يجر من بين سائر العوامل؟
فالجواب في ذلك: أن الجار و
المجرور كالشيء الواحد، فلا يجوز انفصال الجار من المجرور و قيامه بنفسه كما يجوز
انفصال الرافع من المرفوع و الناصب من المنصوب، فصار تقديم الجار عليه ضرورة، و لم
يجز تقديم ذلك في الرافع و الناصب إذ ليس مضطرا فيه إلى ذلك.
و اعلم أنك إذا قدرت دخول الجار
عليها بحال الاستفهام قدرت الأول الاستفهام على حرف الجر كقولك: على كم جذعا بيتك
مبني؟ و إنما وجب التقدير على ما ذكرنا لئلا يتقدم العامل على حرف الاستفهام، و
أما ما في الخبر فالعلّة فيها ما ذكرنا و الجار داخل عليها من غير توسط إن شاء
اللّه.
و اعلم أن النصب فيها على تقدير
تنوين فيها كما أن النصب بخمسة عشر و أخواتها على تقدير التنوين بها فمن خفض بها
في الاستفهام فعلى وجهين:
أحدهما: أن يكون قدر حذف التنوين،
و لم يجعلها كخمسة عشر بل جعلها بمنزلة العدد الذي لا ينون.
و الوجه الآخر: أن يكون الخبر
بتقدير (من) لكثرة استعمالهم إياها في هذا الموضع و إنما نصب بها في الخبر و قدر
التنوين فيها و جعلها بمنزلة المستفهم بها.
[4] انظر الكتاب 2/ 160 (هارون). و عنده: على كم جذع بيتك مبني؟ و
ما ورد عند الوراق هو القياس. أما الذين جرّوا فقد أرادوا معنى (من) تخفيفا و صارت
على عوضا منها.