قيل له: لأن ذا اسم مبهم ينعت بأسماء الأجناس، و قد بينا أن لفظ
الجنس يستحق أن يقع بعد نعم و بئس؛ فوجب أن يجري مجراها فركبوها مع اسم يقتضي
النعت بالجنس.
فإن قال قائل: فلم غلّبتم على حبذا الاسمية و قلتم إنهما صارا بمنزلة
اسم واحد؟
قيل: وجدنا في الأسماء اسمين جعلا بمنزلة اسم واحد فوجب أن يحمل حبذا
على حكم الاسمية لوجود النظير في الأسماء و لم يجز حملها على الفعل لعدم التنظير.
و الوجه الثاني: أن الاسم أقوى من الفعل فلو جعلا شيئا واحدا وجب أن
يغلب عليهما حكم الاسمية لقوة الاسم و ضعف الفعل فإذا وجب هذا جاز أن تقول: حبذا
زيد، فتجعلوا حبذا اسما مبتدأ، و زيد خبر فاعرفه ...[1]
" و لهم فيه مذهبان: قيل غلبت الفعلية لتقدم
الفعل فصار الجميع فعلا و ما بعده فاعل، و قيل: غلبت الاسمية لشرف الاسم فصار
الجميع اسما مبتدأ و ما بعده خبر، و هو مذهب المبرّد و ابن السرّاج، و وافقهما ابن
عصفور، و نسبه إلى سيبويه، و أجاز بعضهم كون (حبذا) خبرا مقدما".