إن قال قائل: لم وجب لهذه الأفعال أن ترفع الأسماء و تنصب الأخبار و
ليست بأفعال مؤثرة، و إنما يخبر بها[2]عما مضى، و يخبر عما يستقبل، و لا
تخبر أنه قد وقع فعل على مفعول نحو قولك: كان زيد قائما؟
فالجواب في ذلك: أن هذه الأفعال لما كانت عبارة عن الجمل وجب من حيث
كانت أفعالا أن تجري حكم ما بعدها كحكمه بعد الأفعال، و لو أبطلنا عملها لحصل
بعدها اسمان مرفوعان من غير عطف و لا تثنية و هذا لا يوجد له نظير في الأفعال
الخفيفة فوجب أن يرفع أحد الاسمين ليكون المرفوع كالفاعل، و تنصب الثاني ليكون
كالمفعول فلهذا وجب أن ترفع الأسماء و تنصب الأخبار.
و الدليل على أنها أفعال وجود التصرف فيها، و اتصال الضمير بها الذي
لا يتصل إلا بالأفعال كقولك: كان يكون فهو كائن و مكون، كما تقول: ضرب يضرب فهو
ضارب، و تقول: كنت، كما تقول: ضربت، فهذا دليل قاطع على أنها أفعال و كذلك أيضا
(ليس) فعل لأنه تقول لست كما تقول ضربت.
فالجواب في ذلك أنه لما دخلها معنى النفي ضارعت (ما) التي للنفي، حتى
إن بعض العرب[4]يجري
(ليس) مجرى (ما)، فلما دخلها شبه الحروف و الحروف لا تتصرف، لم تتصرف هي أيضا و
ألزمت وجها واحدا.
[1]أي الأفعال الناقصة، و لم تكن هذه التسمية قد
عرفت بعد.
[2]في الأصل: يخبر عنه بهاعما ...، و فيها زيادة
لا فائدة منها.
[3]انظر الكتاب 1/ 46 (هارون) و 1/ 57 هذا باب
ما أجري مجرى ليس في بعض المواضع بلغة أهل الحجاز ثم يصير إلى أصله.