و زعم الرمانيّ أنّ الحذف لا يجوز إلا في الخبر، و أجازه البصريّون
إذا كان فاعلا، نحو: جاءني أفضل، أو اسم إنّ، نحو: إنّ اكبر اللّه، و منعه
الكوفيّون.
تنبيهات:الأوّل:لا يتعيّن في نحو: اللّه اكبر، و دعائمه أعزّ و أطول أن يكون المحذوف
من مع مجرورها، بل يجوز أن يقال: إنّ المحذوف هو المضاف إليه، أي أكبر كلّ شيء، و
أعزّ دعامة، و لم يعوّض منه التنوين لكون أفعل غير متصرّف، فاستبشع ذلك.
الثاني:يجب أن يكون المجرور بمن التفضيليّة مشاركا للمفضّل في المعنى إمّا
تحقيقا، نحو: زيد أحسن من عمرو، أو تقديرا كقول على (ع): لأن أصوم يوما من شعبان
أحبّ إلى أن أفطر يوما من رمضان[2]. لأنّ إفطار يوم الشكّ الّذي يمكن أن
يكون من رمضان محبوب عند المخالف فقدّره (ع) محبوبا إلى نفسه أيضا، ثمّ فضّل صوم
شعبان عليه، فكأنّه قال: هب أنّه محبوب عندي أيضا، أ ليس صوم يوم من شعبان أحبّ
منه.
و قال (ع): أللهمّ أبدلني بهم خيرا منهم[3]، أي في اعتقادهم و أبدلهم بي شرّا
منّي، أي في اعتقادهم أيضا، و إلا فلم يكن فيهم خيرا و لا فيه (ع) شرّ، و مثله
قوله تعالى:
و يقال في التهكّم: أنت أعلم من الحمار، فكأنّك قلت: إن أمكن أن يكون
للحمار علم، فأنت مثله مع زيادة، و ليس المقصود بيان الزيادة، بل الغرض التشريك
بينهما في شيء معلوم انتفاؤه عن الحمار.
و أمّا نحو قولهم: أنا أكبر من الشعر، و أنت أعقل من أن تقول كذا،
فليس المراد تفضيل المتكلّم على الشعر و المخاطب على القول، بل المراد بعدهما عن
الشعر و القول.
و أفعل التفضيل يفيد بعد الفاضل من المفضول و تجاوزه عنه، فمن في مثله
ليست تفضيلية، بل هي مثل ما في قولك: بنت من زيد، تعلّقت بأفعل المستعمل بمعنى
متجاوز و بائن بلا تفضيل، فمعنى قولك: أنت أعزّ على من أن أضربك، أي بائن من أن
أضربك من فرط عزّتك على، و إنّما جاز ذلك، لأنّ من التفضيليّة متعلّقة بأفعل
التفضيل بقريب