لأنّه بتقدير و قولكم يا رحمن قربانا، انتهى، و الأولى أن يقال: أنّه
بتقدير قائلين يا رحمن قربانا.
فإذا توفّرت هذه الشروط للمصدر عمل عمل فعله مطلقا، كما مرّ، «إلاإذا كان مفعولا مطلقا»لأنّ تقديره بأن و الفعل أو بما و
الفعل حينئذ متعذّر، إذ ليس معنى ضربت ضربا أو ضربة أو ضربا شديدا ضربت أن ضربت، و
أمّا قولك: ضربت ضرب الأمير اللص، فالمصدر العامل ليس مفعولا مطلقا في الحقيقة، بل
المفعول المطلق محذوف، تقديره ضربا مثل ضرب الأمير اللص، فالعمل في نحو قولك: ضربت
ضربا زيدا، و قولك: ضربة زيدا في جواب من قال لك: كم ضربت؟ ليس للمصدر، بل للفعل
الظاهر في المثال الأوّل و للمقدّر في المثال الثاني، «إلاإذا كان»المفعول المطلق «بدلامن الفعل»،أي سادا مسدّه بعد حذفه وجوبا «ففيهوجهان»:
أحدهما:أن يكون العامل الفعل المحذوف، بناء على أنّ الأصل في العمل له، و لا
ينعزل عنه بالحذف، و هذا رأي المبرّد و السيرافيّ و جماعة.
الثاني:أن يكون العامل المصدر لا لكونه مصدرا، بل لكونه بدلا عن الفعل بدليل
أنّه لا يجمع بينهما لفظا، كما لا يجمع بين البدل و المبدل منه، فإذا قلت سقيا
زيدا، فزيدا منصوب سقيا من حيث إنّه قام مقام اسق، لا من حيث كونه مصدرا هو مفعول
مطلق، و إلا لزم أن يعمل كلّ مصدر هو مفعول مطلق، و هذا الوجه ذهب إليه سيبويه و
الأخفش و الفرّاء و الزجّاج و الفارسيّ، و ذهب بعضهم إلى أنّ العامل فعل من غير
لفظ المصدر كالزم و نحوه، و هذا وجه ثالث.
تنبيه:المفعول المطلق لا يكون بدلا عن الفعل حقيقة، إذ لو كان لم يقدّر
الفعل قبله، فلم ينتصب، و إنّما يقال: إنّه بدل عن الفعل مجازا، إذا لم يجز إظهار
الفعل، فكأنّه بدل منه، قاله الرضيّ.
«الأكثر»في المصدر «أنيضاف إلى فاعله»،لأنّه محلّه الّذي يقوم به، فجعله معه كلفظ واحد باضافته إليه أولى من
رفعه له، و من جعله مع مفعوله كلفظ واحد نحو قوله تعالى:وَ لَوْ لا دَفْعُ
اللَّهِ النَّاسَ [البقرة/
251]، و يجوز أن يضاف إلى مفعوله إذا قامت
[1] - هو لجرير من قصيدة طويلة يهجو فيها الأخطل.
اللغة: الديرين: تثنيه الدير، و هو معبد من معابد النصاري، صلبكم: جمع صليب،
قربانا: أي تقربا.
نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 576