فيعمل في المجرور، لأنّ العامل في الحال أقوي من العامل في المجرور،
لأنّه عامل في صاحبها. و قال الأكثرون: متعلّقة بفعل النداء المحذوف، و اختاره ابن
الضائع و ابن عصفور، و نسباه إلى سيبويه، و اعترض بأنّه متعدّ بنفسه، و أجاب ابن
أبي الربيع بأنّه ضمّن معنى الالتجاء في نحو: يا لزيد، و التعجّب في نحو: يا
للدواهي.
و أجاب ابن عصفور بأنّه ضعيف بالتزام الحذف، فقوّي تعديته باللام، و
اقتصر الرضيّ و أبو حيّان على إيراد هذا الجواب. قال ابن هشام: و فيه نظر، لأنّ
اللام المقوّية زائدة، و هولاء لا يقولون بالزيادة، انتهى.
و يردّ هذا الاعتراض بما ذكره هو في موضع آخر من مغنيه، بأنّ التحقيق
في لام التقوية أنّها ليست زائدة محضة لما تخيّل في العامل من الضعف الّذي نزّل
مترلة القاصر و لا معدّية لاطّراد صحّة إسقاطها، فلها مترلة بين مترلتين، انتهى.
و نقل ابن مالك عن الكوفيّين غير الفرّاء أنّ هذه اللام بقية اسم، و
هو أل، و الأصل في يا لزيد يا الزيد، ثمّ حذفت همزة أل للتخفيف و إحدى الألفين
لالتقاء الساكنين، و ضعف بأنّه يقال فيما لا أل له: يا للدواهي و ياللّه، و إنّما
خفض بها، ليكون أعون على مدّ الصوت المعيّن على المقصود من الاستعانة، و لو قال
يجرّ لكان أولى، لأنّ الخفض من ألقاب البناء.
«يفتح»أي يبني على الفتح وجوبا «لألفها» أي الاستغاثة إذا ألحقت به، «لا لام فيه»حينئذ تحرّزا عن الجمع بين حرفي الاستعانة و عن الجمع[2]بين العوض
و المعوّض عنه، لأنّ اللام عوض عن الألف، كما نقل عن الخليل، و لأنّ اللام تقتضي
الجرّ، و الألف تقتضي الفتح، فبين أثريهما تناف، كذا قيل.
قال بعضهم: و فيه أنّه لا تنافي بينهما في نحو يا لاحمداه، لأنّ جرّ
غير المنصرف بالفتحة، إلا أن يعتبر طردا للباب، لا يقال: التنافي موجود، لأنّ
مقتضي أحدهما فتحة بنائيّة، و الأخرى إعرابيّة، لأنّا نقول: لا تقتضي الألف إلا
فتح ما قبلها، إعرابيّة كانت الفتحة أو بنائية، ألا ترى أنّه لا يقال في الوقف على
زيدا: زيدا بالألف و فتحة ما قبلها نصب، و ما قيل من أنّ التنافي موجود، لأنّ هذا
الفتح في حكم الكسر، فليس بشيء.