نحن نتعرّض هنا لثلاثة أدلّة: دليل فلسفي، ودليل علمي، ودليل نقلي:
الدليل الفلسفي:
مضى في ما سبق الدليل الخامس من أدلّة وجود الله سبحانه وتعالى ـ وهو برهان الصدّيقين ـ وحاصله: أنّنا لا نتصوّر شيئاً بعد افتراض كون الماهيّات أعداماً وحدوداً للوجودات إلاّ الوجود المستقل، والوجود التبعي، والعدم، ولا يتصوّر وجود تبعي إلاّ تبعاً للوجود الذاتي; لأنّ الوجود التبعي عين الربط، والوجود المستقل هو عين الوجود بذاته لا يدخله العدم ويكون واجب الوجود، ومضى أنّ الوجود المستقل والذاتي يطرد لا محالة كلّ حدّ من الحدود; لأنّ الحدود إنّما تكون بلحاظ ما يقابل الوجود من العدم.
وهذا كما ترى ينتهي بالضرورة إلى طرد الشريك واستحالة تعدّد واجب الوجود; إذ لو تعدّد لشكّل كلّ واحد منهما حدّاً للآخر; لأنّ أحدهما يجب أن ينتهي منذ أن يبدأ الآخر، نعم الوجود التبعي ـ وهم المخلوقات ـ لا يشكّل حدّاً لوجود الخالق; لأنّ وجود الخالق وجود ذاتي وعيني ومستقل، وهو يختلف سنخاً عن الوجود التبعي، فانتفاء الوجود التبعي المخلوق لايحقّق امتداداً