جميع أرجاء الأرض لم يتم حتّى الآن، فهذا إخبار قطعيّ عن وقوع ذلك في آخر الزمان بمشيئة الله عزّ وجلّ.
وقد تعطف على الآيتين المباركتين آية ثالثة وهي قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون﴾[1].
والاستشهاد بها يتوقّف على استظهار أنّ المقصود بإرث العباد الصالحين للأرض إرثهم لها في هذه الدنيا لا في الآخرة، ولو بقرينة: أنّ الأرض في عالم الآخرة ستكون أرضاً اُخرى غير هذه الأرض بدليل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات﴾[2].
أمّا الآيتان الاُوليان فهما صريحتان في النظر إلى دار الدنيا; لأنّ صدر الآية وهو قوله: ﴿أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ لا إشكال في كونه راجعاً إلى هذه الدنيا، فكذلك تكملته بقوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه﴾، بل إنّ غلبة دين على دين لا يتصوّر لها معنى في عالم الجزاء، وإنّما يتجلّى معناها في عالم محاربة الأديان وفعاليّتها وهو هذه الدنيا.
بقي في المقام أمر واحد نشير إليه، وهو أنّ الروايات عندنا بالنسبة لما بعد عصر ظهور الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف منقسمة إلى ثلاث طوائف في أنّه هل تبدأ بعد ذلك رجعة الأئمّة من جديد واحداً بعد آخر؟ أو يخلفهم مهديّون ـ على حد تعبير بعض الروايات ـ من أولادهم؟ أو يطول عمر الحجّة إلى ما قبل القيامة بأربعين يوماً؟ والله أعلم حيث يجعل رسالته.