التنافس في تلك، فالأفضل ـ حتّى لمن لا يدرك إلاّ الملاذّ المادّيّة ـ صرف عنان التنافس إلى تلك النعم الخالدة; اذ لا يخلق التنافس فيها أيّ مشكلة من المشاكل، بل التنافس فيها يجرّ الإنسان إلى الأعمال الفاضلة والحميدة لا إلى الشرّ والظلم. ألا وهي الجنّة التي عرضها السماوات والأرض اُعدّت للمتّقين.
ولم ينفِ القرآن حالة التنافس الموجودة في ذات البشريّة ـ التي هي مثار الفتن بالنسبة لنعم الدنيا ـ ولم يردع عنها، بل صرفها من النعم الضيّقة والفانية التي يؤدّي التنافس فيها إلى التكالب والتضارب إلى تلك النعم التي لا يكون طريق الوصول إليها إلاّ ترك الظلم والطغيان، وأمر بالتنافس فيها ورغّب البشريّة في ذلك كما قال: ﴿إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِي نَعِيم * عَلَى الاَْرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيق مَّخْتُوم * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ