وكانت شبه الجزيرة العربيّة منهمكة في الضلال والخرافات والحروب والرذائل: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلال مُّبِين﴾[1].
وأيّ ضلال أشدّ من صنع الصنم بأيديهم من الخشب أو الحجر ثمّ عبادته: ﴿أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُون﴾[2] ؟ أو من صنع إله من التمر ثمّ أكلهم إيّاه؟ أو من وأد البنات: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُون أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُون﴾[3]؟ أو من الحروب والعداوات والاعتداءات الدائمة ضمن قوميّة واحدة: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَة مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾[4]؟ أو من خرافيّة عباداتهم: ﴿وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَة﴾[5]؟ أو من تفاخرهم الخرافي بالعدد حتّى بالأموات: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر﴾[6]، أو ما إلى ذلك؟ وبهذا اتضح انطباق دليل آخر من أدلّة النبوّة على نبوّة نبيّنا .