وهذا يثبت بنفس الدليل الفلسفي الذي أثبت التوحيد، فإن شئت فتكلّم بلغة دليل الواحديّة، أي: أنّه واحد لا مثيل له، وإن شئت فتكلّم بلغة دليل الأحديّة، أي: أنّه أحد بسيط لا جزء له.
فتقول بلغة الواحديّة: إنّ صفات الذات لو تغايرت مع الذات أو تغاير بعضها مع بعض لتعدّد الوجود المستقل، وقد مضى إثبات أنّ الوجود المستقل لا يعقل تعدّده.
وتقول بلغة الأحديّة: إنّ تصوير صفات الذات مع حفظ تغاير بينها وبين الذات أو حفظ تغاير في ما بينها يؤدّي إلى التركيب، وقد مضى توضيح استحالته في الوجوب المستقل، أو قل: في واجب الوجود.
وما ألطف التعبير الماضي عن إمامنا أمير المؤمنين : «وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه; لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنّاه، ومن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله»[1].
الدليل على التوحيد في العبادة
العبادة والتي هي كمال الخضوع لا ينبغي أن تكون للإنسان الحرّ إلاّ بأحد ملاكات ثلاثة:
1 ـ الاحتياج الحقيقي إلى المعبود.
2 ـ والأشرف من ذلك أن تكون العبادة بملاك المالكيّة الحقيقيّة للمعبود.