فقال فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض، فقال رسول الله : هكذا تجتمع الذنوب. ثُمّ قال: إيّاكم والمحقّرات من الذنوب، فإنّ لكلّ شيء طالباً ألا وإنّ طالبها يكتب ﴿مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين﴾»[1].
وما في ذيل الحديث من «محقّرات الذنوب» قد فسّر في حديث آخر عن زيد الشحّام بسند تامّ، عن الصادق : «اتّقوا المحقّرات من الذنوب، فإنّها لا تغفر، قلت : وما المحقّرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي إن لم يكن لي غير ذلك»[2].
والثاني : محاسبة النفس على نواياها ودوافعها الكامنة، فإنّ من يغفل عن ذلك، ويقتصر على النظر إلى ظواهر عمله، فقد يغفل عمّا معه من الرياء، وعن الشرك الخفي، وعن الدوافع المادّيّة، ويحسب أ نّه يحسن صنعاً ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالاَْخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَ نَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾[3]﴿... إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء ...﴾[4].
والثالث : موازنة نفسه بين مدى ما هو واصل إليه الآن من المقام ومن الدرجات المعنويّة والقيم والأخلاق، وبين ما كان واصلا إليه في وقت سابق; كي يعرف مدى رقيّه أو نزوله.
والرابع : موازنة نفسه بين مدى ما هو واصل إليه الآن من مقام ودرجات ومُثل
[1] وسائل الشيعة 15 / 311، الباب 43 من جهاد النفس، الحديث 3، والآية: 12 في السورة 36، يس .
[2] وسائل الشيعة 15 / 310، الباب 43 من جهاد النفس، الحديث 1.
[3] السورة 18، الكهف، الآيتان: 103 ـ 104.
[4] السورة 2، البقرة، الآية: 284.