responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تزكية النفس نویسنده : الحائري، السيد كاظم    جلد : 1  صفحه : 588

من ناحية أُخرى، فيرى الإنسان الاعتيادي الواقف في بداية الطريق نفسه متحيّراً ومخيّراً بين الجنّة والنار، أو بين الخير والشرّ، أو بين نوعين من المصالح، وهذا المشهد حينما يكون قويّاً يخلق في نفسه هزّاً عميقاً عظيماً، وينتهي ـ عادة ـ إلى تبدّل الحالة النفسيّة إمّا إلى جانب الارتقاء والسعادة والسموّ الروحي، أو إلى جانب السقوط في الهاوية والشقاء والخسران، وكلّما كان مشهد التقابل بين المصلحتين أقوى، كانت الهزّة النفسيّة أشدّ، والتكامل أو السقوط أقوى وأعظم. ونذكر لذلك مثلين :

أحدهما : من أُولئك الذين كانوا من أهل السعادة، فأثّر فيهم هذا المشهد وأحدث تلك الهزّة، وانتهى إلى الانتقال الفجائي إلى الكمال وطيران الروح في سماء المعالي والفضيلة، ألا وهو: حرّ بن يزيد الرياحيّ ، فأنت تعلم أنّ حرّاً لم يكن في بداية أمره يعتبر من الصالحين، بل ارتكب تلك الجريمة النكراء، وهي: أ نّه جعجع بالحسين وأصحابه وأهل بيته في وسط الطريق، ومنعهم عن الرجوع، وألجأهم إلى سلوك المخاطر، ولكنّ الذي غيّر نفسيّته الوضيعة، وأوصلها إلى خير مراتب الكمال فجأةً، هو ما أحسّ به دفعةً من مشهد الصراع النفسي بين الحقّ والباطل، حينما انكشف له أنّ أقلّ الأمر الذي سيقع هو: قتال شديد، أيسره أن تسقط الرؤوس، وتطيح الأيدي، فدار أمره بين الاحتفاظ بالحياة الرخيصة والأمن لدى طاغية الوقت، وبين ترك الدنيا وزخرفها والانتقال إلى صفّ الهدى والتضحية في سبيل إمام المتّقين الحسين ، وأخذته الهزّة في جميع أعماقه هزةً عظيمة، وارتعدت فرائصه، فقال له مهاجر بن أوس: «...إنّ أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟

فقال له الحرّ (معبّراً عن مشهد وقوعه بين الطريقين): إنّي والله اُخيّر نفسي بين

نام کتاب : تزكية النفس نویسنده : الحائري، السيد كاظم    جلد : 1  صفحه : 588
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست