الوحيد المعقول والمقبول للموقف ، وهو افتراض عامل إضافي وراء الظروف والعوامل المحسوسة ، وهو عامل الوحي ، عامل النبوّة الذي يمثّل تدخّل السماء في توجيه الأرض : ( وَكَذَلِكَ أوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحاً مِنْ أمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاط مُسْتَقِيم )[1] .
دور العوامل والمؤثّرات :
ولا يعني تفسير الرسالة على أساس الوحي والإمداد من السماء بدلا عن العوامل والظروف المحسوسة إلغاء هذه العوامل والظروف عن التأثير نهائياً ، بل إنّها مؤثّرة وفقاً للسنن الكونية والاجتماعية العامّة ، ولكنّ تأثيرها إنّما هو في سير الأحداث ، ومدى ماينجم عنها من مؤثّرات لصالح نجاح الرسالة أو لإعاقتها عن النجاح . فالرسالة كمحتوى حقيقة ربّانية فوق الشروط والظروف المادية ، ولكنّها بعد أن تحوّلت إلى حركة إلى عمل متواصل في سبيل التغيير ، يصبح بالإمكان ربطها بظروفها وما تكتنفها من ملابسات وأحاسيس .
فإذا قيل مثلا : إنّ شعور الإنسان العربي بالتمزّق والضياع وهو يجد نفسه يجسّد آلهته ومثله الأعلى في حجر يحطمه في لحظة غضب ، أو حلوى يلتهمها في لحظة جوع جعله يتطلّع إلى الرسالة الجديدة .
أو قيل مثلا : إنّ شعور البائس والكادح في المجتمع العربي بالظلم والتعسّف من قبل المرابين والمستغلّين دفعه إلى تأييد حركة جديدة ترفع راية العدالة ، وتقضي على رأس المال الربوي .