على مبدأ عدم التناقض الذي لا يرتبط اعتقادنا فيه بالتجربة والاستقراء[1] .
نموذج من الدليل الفلسفي على إثبات الصانع :
يعتمد هذا الدليل على القضايا الثلاث التالية :
أوّلا : على البديهية القائلة : إنّ كلّ حادثة لها سبب تستمدّ منه وجودها ، وهذه قضية يدركها الإنسان بشعوره الفطري ، ويؤكّدها الاستقراء العلمي باستمرار .
ثانياً : على القضية القائلة : كلّما وجدت درجات متفاوتة من شيء ما بعضها أقوى وأكمل من بعض فليس بالإمكان أن تكون الدرجة الأقلّ كمالا والأدنى محتوىً هي السبب في وجود الدرجة الأعلى ، فالحرارة لها درجات ، والمعرفة لها درجات ، والنور له درجات بعضها أشدّ وأكمل من بعض ، فلا يمكن أن تنبثق درجة أعلى من الحرارة عن درجة أدنى منها ، ولا يمكن أن يكتسب الإنسان معرفةً كاملةً باللغة الإنجليزية من شخص لا يعرف منها إلاّ قدراً محدوداً أو يجهلها تماماً ، ولا يمكن لدرجة نور ضئيلة أن تحقّق درجةً أكبر من النور ; لأنّ كلّ درجة أعلى تمثّل زيادةً نوعيةً وكيفيةً على الدرجة الأدنى منها ، وهذه الزيادة النوعية لا يمكن أن يمنحها من لا يملكها ، فأنت حينما تريد أن تموّل مشروعاً من مالك لا يمكنك أن تمدّه بدرجة أكبر من رصيدك الذي تملكه .
ثالثاً : أنّ المادة في تطوّرها المستمرّ تتّخذ أشكالا مختلفةً في درجة تطوّرها ومدى التركيز فيها ، فالجُزَيء من الماء الذي لا حياة فيه ولا إحساس
[1] من أجل التوسّع في ذلك والتعمّق في إثباته واستيعاب مواقف المنطق التجريبي والمنطق الوضعي من هذه النقطة ، وطريقة تفسير الوضعية لليقين في المبدأ الرياضي على أساس كونه تكرارياً ومناقشتها يمكن الرجوع إلى كتاب الاُسس المنطقية للاستقراء .« منه (رحمه الله) » .