( 115 ) وفي ما يتعلّق بالشرط الثاني ـ وهو أن تكون المسافة مقصودة ـ قد تسأل : إذا سافر قاصداً إلى بلد ولكنّه لا يدري أقريب هو أم بعيد ؟ وفي الطريق أو في مقصده علم بأنّ المسافة تستوجب القصر فماذا يصنع ؟
والجواب : أ نّه يقصّر ; لأنّ من قصد بلداً قصد السبيل إليه ، والمهمّ هو قصد سفر يحقّق المسافة ، سواء كان المسافر عالماً بأنّ سفره يحقّق ذلك ، أوْ لا .
( 116 ) وإذا قصد ما دون المسافة ولمّا بلغ مقصده تجدّد له رأي فسافر إلى بلد آخر فماذا يصنع ؟
والجواب : أنّ هذا يعتبر ابتداء المسافة من أوّل السير الجديد ، أي من حين تجدَّد له رأي في السفر إلى البلد الآخر ، ويلغي من الحساب ما طواه قبل ذلك ، فإذا كان المجموع من هذا السير الجديد ومن طريق العودة بمقدار المسافة قصّر[1] ما لم يحصل في أثناء ذلك أحد قواطع السفر .
ومثال ذلك : إنسان قصد السير إلى بلد يبعد عن مقرّه ووطنه ثلث المسافة الشرعية ، وعند وصوله إلى هذا البلد عزم على السفر إلى بلد آخر يبعد عن البلد الأول أيضاً ثلث المسافة ، فسافر إلى البلد الثاني قاصداً العودة إلى مقرّه من نفس الطريق ، وعليه يكون المجموع من الذهاب إلى البلد الثاني والإياب إلى الوطن تمام المسافة المعتبرة الثلث للذهاب والثلثان للإياب ، وعندئذ يقصّر [2].
ومثال آخر بشكل أكثر تحديداً : كوفي يقصد السفر إلى النجف ، وفي النجف يتجدّد له رأي في السفر إلى ( أبو صخير ) ، ثمّ الرجوع منها إلى الكوفة مارّاً
[1] بشرط أن لا يقلَّ ذهابه من أوّل السير الجديد عن أربعة فراسخ.
[2] قد عرفت الإشكال فيه; لأنّ الذهاب الأخير لم يكن يمتلك العمق المطلوب.