وعلى هذا الأساس صحّ القول بأنّ من شروط صلاة الجمعة : أن لا تسبقها ولا تقارنها في بدايتها صلاة جمعة اُخرى في مكان قريب بالمعنى المتقدم للمكان القريب . ولكن إذا تقارنت صلاتا جمعة في مكانين متقاربين دون أن يعلم جماعة كلٍّ من الصلاتين بالصلاة الاُخرى وانتهتا في وقت واحد فكلتا الصلاتين صحيحة . وكذلك إذا بدأت إحداهما بعد ابتداء الاُخرى بدون علم وانتهتا معاً في وقت واحد .
حكم صلاة الجمعة :
( 49 ) وتجب إقامة صلاة الجمعة وجوباً حتمياً في حالة وجود سلطان عادل متمثّلا في الإمام ، أو فيمن يمثّله .
ويراد بالسلطان العادل : الشخص أو الأشخاص الذين يمارسون السلطة فعلا بصورة مشروعة ، ويقيمون العدل بين الرعية . وهذا الحكم الأول لصلاة الجمعة يعبّر عنه بـ « الوجوب التعييني لإقامة صلاة الجمعة » .
( 50 ) وأمّا في حالة عدم توفّر السلطان العادل فصلاة الجمعة واجبة أيضاً ، ولكنّها تجب على وجه التخيير ابتداءً ، وتجب على وجه الحتم انتهاءً ; وذلك أنّ المكلّفين في هذه الحالة يجب عليهم أن يؤدّوا الفريضة في ظهر يوم الجمعة : إمّا بإقامة صلاة الجمعة جماعةً على نحو تتوفّر فيها الشروط السابقة ، وإمّا بالإتيان بصلاة الظهر . وأيّهما أتى به المكلّف أجزأه وكفاه ، غير أنّ إقامة صلاة الجمعة أفضل وأكثر ثواباً ، وهذا هو الحكم الثاني لصلاة الجمعة ، ويعبَّر عنه بـ « الوجوب التخييريّ لإقامة صلاة الجمعة » .
( 51 ) فإن اختار خمسة من المكلفين إقامة صلاة الجمعة امتثالا للحكم الثاني ، وكان فيهم شخص عادل يصلح أن يكون إمام جماعة فقدموه ليخطب بهم