عرفنا سابقاً أنّ الدليل العلميّ لإثبات الصانع تعالى يتّخذ منهج الدليل الاستقرائي القائم على حساب الاحتمالات .
ونريد قبل أن نبدأ باستعراض هذا الدليل أن نشرح هذا المنهج ، وبعد ذلك نقيّمه ; لكي نتعرّف على مدى إمكان الوثوق بهذا المنهج والاعتماد عليه في اكتشاف الحقائق والتعرّف على الأشياء .
ومنهج الدليل الاستقرائيّ القائم على حساب الاحتمالات له صيغ معقّدة وبدرجة عالية من الدقّة ، وتقييمه الشامل الدقيق يتمّ من خلال دراسة تحليلية كاملة للاُسس المنطقية للاستقراء ونظرية الاحتمال[1] . ونحن نحرص هنا على تفادي الصعوبات والابتعاد عن أيّ صيغ معقّدة أو تحليل عسير الفهم .
ولهذا سنقوم فيما يلي بأمرين :
1 ـ تحديد المنهج الذي سنتّبعه في الاستدلال ، وتوضيح خطواته بصورة مبسّطة وموجزة .
2 ـ تقييم هذا المنهج وتحديد مدى إمكان الوثوق به ، لا عن طريق تحليله منطقياً واكتشاف الاُسس المنطقية والرياضية التي يقوم عليها ; لأنّ هذا يضطرّنا إلى الدخول في أشياء معقّدة وأفكار على جانب كبير من الدقّة ، بل نقيّم المنهج الذي سنتّبعه في الاستدلال على الصانع الحكيم في ضوء تطبيقاته الاُخرى العملية المعترف بها عموماً لكلّ إنسان سوي ، فنوضّح أنّ المنهج الذي يعتمده الدليل على
[1] وهذا ما قمنا به في كتاب الاُسس المنطقية للاستقراء ، لاحظ القسم الثالث .« منه (رحمه الله) » .