( 2 ) أوّلا : البلوغ ، فلا يتّجه التكليف إلى الإنسان ـ رجلا كان أم امرأةً ـ إلاّ إذا بلغ . وللبلوغ تقدير شرعي محدّد يأتي شرحه . فغير البالغ ليس بمكلّف ; ونعني بذلك أنّ جانب الإلزام والمسؤولية الاُخروية ـ العقاب في الآخرة ـ من أحكام الله تعالى لا يثبت بشأن الإنسان غير البالغ ، فلو كذب أو ترك الصلاة لا يعاقب يوم القيامة ; نظراً إلى وقوع ذلك منه قبل بلوغه .
ولكن ينبغي الالتفات إلى ما يلي :
( 3 ) أ ـ إنّ ذلك لا يعني عدم كون الولي مسؤولا عن تصرّف هذا الإنسان غير البالغ وتوجيهه وإنزال العقاب به في حالات التأديب ، فالولي من أهله يجب عليه أن يقيه النار والتعرّض لسخط الله تعالى عند بلوغه ; وذلك بأن يهيّئه قبل البلوغ للطاعة ، ويقرّبه نحو الله تعالى بالوسائل المختلفة للتأديب : من الترهيب والترغيب والتعويد والتثقيف ، عملا بقوله تعالي : ( قُوا أنْفُسَكُمْ وَأهْلِيْكُمْ ناراً وَقُودُها النّاسُ وَالحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أمَرَهُمْ ويَفَعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون )[1] .
وإذا أدّى الولي كلّ ما عليه ولم يفلح في حمل ولده على الهدى والصلاح فلا وزر عليه من هذه الناحية .
( 4 ) ب ـ إنّ إعفاء غير البالغ من المسؤولية الاُخروية وما تمثّله من الإلزام