الحقائق وتشويهها والصاق التهم الرخيصة بابطالها، وبالرغم من كل ما قامت به تلك السلطات من اتلاف وحرق الكثير من الكتب التي تبين معالم مدرسة الرسالة، الا ان ما وصلنا يرسم لنا صورة جلية عن مجمل مسيرة الحركة الرسالية.
الظاهرة السابقة التي يطرحها التساؤل، انما تدل على ان هناك تقصير فادح من العلماء والباحثين في استقصاء حياة الائمة المعصومين (عليهم السلام) او انهم ركزوا على جوانب من شخصيتهم واهملوا جوانب اخرى لعدم استيعابهم لتلك الجوانب.
ان اعمال الائمة المعصومين (عليهم السلام) كانت على نوعين:
الاول: بمثابة رسم معالم الحركة الرسالية وتوضيحها.
الثاني: بمثابة مواصلة للمسيرة السابقة، لكي تنمو وتتوسع، فمثلا نجد الامام علي (عليه السلام) هو الذي اسس الحركة الرسالية بتفاصيلها التنظيمية والقيادية، بينما الامام الحسن تابع نفس المسيرة التي بدأها الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، كذلك نجد ان الامام الصادق (عليه السلام) اسس الكيان الفقهي للحركة، اما الامام الكاظم فانه نمى البناء السابق.
من هنا نجد حياة احد الائمة (عليهم السلام) مليئة بالاحداث والاحاديث لانه هو الذي بدأ عملا ما، بينما الامام التالي لا نجد في حياته ما يثيرك من ذلك الجانب الذي سبق تأسيسه، لانه انما قام بدعم العمل السابق وهذا لا يدل على ان الامام الاول كان افضل من الثاني، انما موسع البناء ومنميه يشترك مع مؤسسه في الاهمية والعظمة، فالرجل الذي اخترع الكهرباء عظيم، وكذلك الذي نشر الكهرباء في الآفاق وحوّلها الى مادة رفاهية في كل ناحية من نواحي حياتنا، فهو عظيم ايضاً.
ثم اننا نجد ان المؤرخين قد كتبوا عن الائمة الذين احتكوا بالحركات الاسلامية والتيارات الفكرية والسياسية الاخرى اكثر من باقي الائمة، والسبب في ذلك، لان سجل التاريخ حفظ تلك الاحاديث، لان فيها لون من الصراع والخلاف