استطعنا ان نعي هذه الضلالة، ونكتشف العامل الاخطر لها فاننا سنحصل على المفتاح الرئيسي للسعادة.
ان الضلالة الاولى تأتي من كون الناس على نوعين: نوع يستقبل الحق ويسلم له، ويستوعبه، ونوع يكفر ويكذب به، والنوع الاول هو الذي يستقبل الحق بمجرد ان يقتنع ان من الافضل له ان يتقبل الحق ويؤمن به، وهذا هو الايمان؛ اي ان تكون عند الانسان حالة القناعة، والخضوع للحق والاسلام له بمجرد التوصل اليه، وحينئذ وبمجرد ان يصل الانسان الى هذه الدرجة تتضح امامه جميع الحقائق، لان الحجاب سيسقط، والعقل سيغمره النور لان الانسان المؤمن ينظر بنور الله تعالى.
ولكن هذا الانسان بمجرد ان يكذب بالحق فان كل تلك الايات والعلامات والمعالم الموضوعة على طريق الحق ستختفي عنه كما اشار الى ذلك عز وجل في قوله: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ (ق/ 5)، فالانسان يبقى في حالة عمى، وضلالة فلا هو مهتد ولا هو منحرف حتى يأتيه الحق عبر الرسول: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (الاسراء/ 15).
التكذيب بالحق يخلط الحقائق:
والرسول يأتي بكل وضوح ومعه الادلة البينة، فيقدم رسالته الى هذا الانسان، وحينئذ يختلف الناس؛ ففريق منهم يصدق به، ويرى انه هو الصادق الأمين، وهذا الفريق يهديه الله سبحانه وتعالى كما يشير الى ذلك في قوله: إِنَّهمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (الكهف/ 13)، فيهتدي هذا الانسان دون ان