والسؤال الكبير الذي نواجهه في نهاية البحث هو: هل هناك عامل يجعل الأمم تقاوم الإنهيار، ويُغذي فيها محاولات الإستمرار في الحضارة وتحدي عوامل السقوط؟
هل هي الصدفة؟ هل هو القضاء والقدر؟ أم أن هناك عاملًا آخر يمكن التخطيط له والإستفادة منه؟.
نحن نعتقد إن عامل الإرادة البشرية يلعب دوراً جذرياً وأساسياً في هذا المجال، ولعامل الإرادة قوانينه وأنظمته الذاتية والبعيدة عن تأثير العوامل الأخرى.
إن إثارة الإهتمام في المجتمعات البشرية بعامل الإرادة، ودوره الأساسي في الحفاظ على المسيرة الحضارية، يعطيها القدرة على الإستفادة من هذا العامل العظيم الذي يُعتبر المنطلق الرئيسي لحركات التغيير والإصلاح الجذريين في كل منعطفات التاريخ.
فعملية التغيير الجذري ما هي إلّا الإستفادة الجيّدة من عامل الإرادة البشرية، ومن قدرة الإنسان- النابعة من إرادته الحديدية- على تحدي واقعه الذي قد يكون متجهاً نحو الإنهيار، ولكن ليس بالعناصر المادية، وإنما بالأفكار الروحية والقيم.
والأمة التي تعرف سرّ التغيير والإصلاح الجذريين في واقعها لا تموت أبداً، لأنه كلما ضعفت العوامل المادية في هذه الأمة، تدخَّل العامل الإرادي ليعوِّض عن النقص الناجم عن ضعف تلك العوامل، وليعطي الأمة إندفاعاً جديداً نحو الأمام، وذلك عن طريق إثارة روح التمسك بقيم الجهاد والعطاء والإيثار والتضحية.
وربما نستطيع القول أن الأمة الإسلامية هي من أكثر الأمم التي عرفت حتى الآن سرّ عملية التغيير الجذري وأهميتها في مسيرتها