يحركه شيء الا حينما يكون بحاجة اليه، فاكتشافه للقمح كان بسبب حاجته اليه ليسد به جوعه، واكتشافه لطريقة بناء البيوت كان بسبب حاجته اليها ليحتمي بها من الحر والبرد والشمس والرياح، واكتشافه للسلاح كان بسبب حاجته اليه ليدافع عن نفسه ضد العدو وهكذا ..
ان بعض الناس حاجتهم في الحياة محدودة، لذك حينما يصلون اليها، تنتهي دوافعهم النفسية للتقدم. فهم لا يريدون من الدنيا الا العفاف والكفاف .. قرصين من الخبز، وطمرين من اللباس، وشبرين من الارض، ان مثل هؤلاء الناس لا يكونون عادة نشطين، لانهم يعملون من اجل ان يوفرها هذه الحاجات البسيطة، وحينما يحصلون عليها، تتجمد طاقاتهم التي تحولت الى امكانات فعلية.
الحضارات وليدة الحاجة:
والحضارات في التاريخ انما نمت في البلاد الباردة جدا، او في البلاد التي كانت قريبة من الغابات حسب مايذكره المؤرخون، وبالتالي حيث كان الخطر فيها على الانسان كبيرا. والسبب ان شعور الانسان بالخطر كان يولد لديه حاجات شديدة تدفعه الى العمل.
اما في المناطق ذات المناخ المعتدل ن والتي كان الانسان يجد فيها حاجياته ميسرة كالطعام والمأوى والراحة، لذلك لم يكن يخشى من اخطار ام من ظروف الطقس الصعبة، ولم يكن يجهد ليقي نفسه منها.
ان الانسان الذي يكتفي بلقمة العيش وهو مكان يرتاح فيه، لا يمكن ان يكون بانيا لحضارة، لانه لا يجد في نفسه حاجة الى التحرك. اما الانسان الذي يحمل هدفا كبيرا في حياته، ترى انه يتحرك ليلا نهارا، ويجتهد ويستنفذ طاقاته ويفجر امكانياته، من اجل الوصول الى هدفه.