. ومضت على الدعوة مدة، وعليٌّ عليه السلام يستقيم على الصراط السوي، ويقاوم الضغوط، ويصوغ الوحي شخصيته الفذة.
ثم التفَّ حول الدعوة رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر ربهم. فلما أمرهم النبي صلى الله عليه واله بالهجرة إلى الحبشة وأمَّر عليهم جعفرًا أخا عليٍّ عليهما السلام، قامت قيامة قريش الذين رأوا من مناوئهم- العظيم- القوة وحسن التدبير، فأخذوا يدرسون خطة أخرى أشد وأقسى مما سبق، وذلك بفرض حصار اجتماعي على بني هاشم زاعمين أنهم شذُّوا عن النظام الاجتماعي السائد.
فدبروا أمر الصحيفة الملعونة، حيث أَجمعوا على ألَّا يخالط النبيَّ صلى الله عليه واله ومن دار في أفقه من الهاشميين، وعلى رأسهم سيدهم أبو طالب، ولا يعاملهم أحدٌ أبدًا. فجمع أبو طالب أهله في شِعْبٍ له، وذبَّ عنهم بما كان لديه من طاقة وسلطان.
وتلك كانت فرصة سانحة للإمام عليّ عليه السلام أن ينهل، من نبع النبي الفيّاض، كلَّ مكرمة وفضيلة ومعرفة، كما استطاع أيضًا أن يمارس جهاده الشاق طيلة ثلاث سنوات.
ولعل هذا كان أول ميادين الجهاد التي خاضها ابن أبي طالب عليه السلام