لم يكن هم المفكرين في أوروبا إلى القرن السادس عشر، سوى اعادة تركيب المنطق الارسطي واعادة هضمه والتدبر فيه.
وكانت المعرفة محصورة لديهم بما تمليه عليهم السلطات الدينية والزمنية، التي أحكمت قبضتها على الجماهير. وكان أعلم الناس عندهم أفهمهم لأفكار السابقين، وأكثرهم حفظا لنصوصها.
وكانت همة العلماء مشدودة بخدمة التقاليد السائدة والأوضاع السياسية القائمة.
وكانت الكنيسة، ترمي كل فكرة تحررية بالإلحاد وبالمشابهة مع المسلمين، الذين كانوا يشكلون حسب زعم (الدهماء) أخطر عدو للغرب.
ولكن منذ القرن السادس عشر أخذ الوضع يتطور، وتلاحقت التطورات الفكرية والسياسية في القرن السابع عشر، ثم الثامن عشر، حتى انفجرت في الحضارة الغربية الحديثة، التي بالرغم من فراغها الروحي الكبير فإنها ذات إطار مادي ضخم.