سياسية، فيصدقها الجمهور، وكل منهم يزعم أنه قد شاهدها، بما يشبه أحلام اليقظة (... مما يمكن أن نسميه الهذيان الاجتماعي، حيث يتفق لأهل عصر معين تسيطر عليهم، حالة نفسية غير عادية: أن يقرروا ملاحظة أشياء، يمكن وضعها موضع الشك. ومن ذلك ما قرره أهل العصور الوسطى، في أثناء الحروب الصليبية، من رؤية الملائكة تحمل الصليب، متجهة إلى بيت المقدس، وما كان يقرره عدد كبير من الباريسيين في أثناء الحروب الماضية، من رؤية رجال المظلات يهبطون في سماء باريس) [1].
5- وإذا كان صاحب الوثيقة، قد عرف بالدقة المتناهية، ونقل عن رجل أو عدة رجال، وصفهم بأنهم ثقاة ضابطون وعرفنا عن رأيه في التوثيق: انه يلتزم المقاييس العقلية، التي نعرف نحن بدورنا صحتها، تصبح روايته- بذاتها- دليلا على صحة نقله.
6- وفي غير هذه الحالة، تتحول الوثيقة إلى نوع من الحكاية أو الأسطورة، والتي تعتبر مستودع معلومات الشعوب عن الحوادث الماضية، (وتكون- نوعا من التاريخ- الذي كثيرا ما يكون، صادقا كل الصدق، أكثر من التاريخ المكتوب، وقد يكون معبرا أو دالا- في أحيان كثيرة- أكثر مما يدل عليه التاريخ المسجل، لأن فيها البساطة وبالتالي الصدق في التعبير) [3].
كيف نفهم لغة الوثيقة:
بعد أن ننتهي من نقد الوثائق، سلبيا وخارجيا، أي من خلال معرفة