بظاهرة أخرى، بشرط أن تخضع هذه المقارنة، لفكرة أو نظرية عامة.
كل هذا، دليل واحد على أن تكييف المنهج، ضروري جدا، في فهم العلم المراد بحثه .. يقول عن ذلك جون ديوي: البحث لأي علم من العلوم، هو منه بمثابة دم الحياة، وما ينفك منه وكل فن وكل صناعة، وكل مهنة، يخضع لما يقتضيه البحث [1].
عندما نكفر بمنهج:
عندما نكفر بمنهج معين، ماذا ننتظر ان يحدث؟ ان النتيجة الطبيعية لذلك هي: أن ينتقم هذا المنهج منا ويسد علينا بابا جديدا للعلم. المدرسيون قديما، كفروا بحق منهج الاستقراء، وغالوا بالمقابل، في شأن القياس، وحرموا أنفسهم- بذلك- علوما كثيرة، كانت تأتيهم من باب الاستقراء.
وبين المناطق الجدد نجد (روجييه) هو الآخر، حط من شأن الاستقراء، إلى حد أن وصفه بأنه مناف للقواعد المنطقية، وأنه ليس جديرا بأن يسمى تفكيرا [2]. وكانت النتيجة الطبيعية، ان عقم التفكير البشري نتيجة اعتقاله في بيت القياس (دون ان يفسح له المجال بالإنطلاق في رحاب التجربة). ومن جهة أخرى وقع طائفة كبيرة من الباحثين في أخطاء متنوعة، نتيجة استهانتهم بالقياس، واعتمادهم الكلي على الاستقراء، ذلك لأن هذا الأخير لا يمكنه لوحده ان يفيدنا لأن مجرد تسجيل الحقائق الجزئية المبعثرة، التي نصل اليها لا يكفي في نشأة العلم، وفي تدعيمه. (فالمعرفة العلمية الحقة هي التي تعمل على الاقتصاد في المجهود والتفكير، ولو كانت هذه المعرفة قاصرة على ملاحظة كل ظاهرة على حدة، دون البحث عن الصلة التي يمكن أن توجد بينها وبين ظواهر أخرى، سبقت لنا معرفتها، لوجب على كل جيل أن يستأنف الجهود التي