احتمالاته عند الشخص إلى 100 [1] ... ويقول المنطق الإسلامي إن النفس البشرية تتنازعها قوتا العقل والشهوات وتؤثر كل واحدة فيها، وتعطي كل واحدة منها درجة الاطمئنان عندها بالنسبة إلى القضايا. فحبنا لشخص قد يدعونا إلى تصديق نبأ قدومه قبل ان نصدق نبأ مجيء من نبغضه. إذ الحب يساعد على صعود نسبة الاحتمالات.
فإذا افترضنا أن الحب كان شديدا، فأثر على النفس في ازدياد نسبة الاحتمالات الإيجابية، فهل يعني ذلك أننا توصلنا للحق؟
إذا، هناك فرق في ازدياد الاحتمالات لتبلغ درجة 100% والذي يسمى بالقطع، وبين العلم الذي- حتى إذا كانت نسبة احتمالاته أقل من المائة- فإنه يكشف عن الحقيقة لأنه يطابق أبدا الواقع الحق [2] ...
ويبقى السؤال التالي: حتى الآن كنا نتصور أن المقياس الذي يميز العلم عن الجهل هو وصول الاحتمالات الإيجابية إلى درجة المائة بالمائة وكما تقولون ليس هذا المقياس صحيحا في المنطق الإسلامي فما هو المقياس الصحيح؟
[1] - يعبر القرآن الحكيم عن الاعتقاد بالأفكار الباطلة بالظن حين يقول: (ولكن ظنتتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون* وذلكم ظنكم الذي ظنتتم بربكم أرادكم) [فصلت/ 22- 23] (إن نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين) [الجاثية/ 32] (لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون) [المائدة/ 28] (وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) [الجاثية/ 24] (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية) [آل عمران/ 154].
[2] - يقول العلامة الوالد محمد كاظم المدرسي، في كتابه المخطوط عن العلم: وظاهر ان اليقين (وهو يقصد به القطع) ليس يعلم بالذات (إذ اليقين ليس سوى صورة راسخة في الذهن البشري والصورة ليست علما) فإن الصورة النفسية، ولو فرض مطابقتها للواقع، ليس حيث ذاتها الكشف، بل طريق للمماثلة فليس برهان ومحجة بالذات، ولا يجوز الإتكال عليه عقلا لعدم ممتازية المطابق منه للواقع عن المخالف له.