الناس سواسية في العقل، فتلك نعمة أسبغها الله على البشر جميعا، إنما يختلف الناس في مدى استثمارهم لها، ولكن لماذا يستثمر البعض عقولهم ويتركها آخرون؟ هناك عوامل عديدة تنبع من عامل واحد أساسي هو (الشعور بالضعف). إذ ان هذا الشعور يفقد صاحبه الإيمان بذاته، بقدراته، بإمكانية مقاومته الضغوط من حوله. وحين يفقد الإنسان إيمانه بنفسه، لا يبقى منه إلا قشرة خاوية، إذ ما قيمة قدرة لا يعترف صاحبها بوجودها.
مثلا، ما قيمة ثروة يمتلكها شخص دون أن يعرف أنها له؟ وما قيمة سلطة لا يعترف صاحبها بها؟ إن البشر مزود بنور العقل، بالقدرة على كشف الحقائق، بإمكانية النفاذ إلى خبايا الحياة، ولكنه لا ينتفع بها من دون إيمان بوجودها.
لذلك ترى أن من تأخذهم هيبة البحث عن حقيقة معينة لا يستطيعون كشفها، إذ إنهم حكموا على أنفسهم- سلفا- بالعجز والفشل، والذين تمتلكهم هيبة العلماء السابقين عليهم، يستحيل عليهم فهم أي شيء جديد، إذ إنهم لا يؤمنون بأي اكتشاف ذاتي يتوصلون إليه.
والأجيال التي تعبد جيلا سابقا، وتعتقد أنه وصل إلى قمة العقل والمعرفة، تبقى- هذه الأجيال- في أوحال الجهل لأنها تفقد الثقة بقدرتها على