يبدو أن فلاسفة التاريخ، الذين سعوا وراء معرفة السنن العامة لتطورات التاريخ، من أمثال آرنولد توينبي، ومالك بن نبي وابن خلدون ومن أشبه، هم في الواقع من المناطقة الاجتماعيين، الذين تصوروا أن للتاريخ سننا عامة، تنعكس على حالة المجتمع، وتنعكس تلك الحالة على الأفراد، وإنا نجد الشبه الكبير بين مراحل كونت في الفكر، وبين مراحل توينبي في الحضارة إذ أن الفكر لا ينفصل عن الحضارة، وأن الحضارة تخلق بالطبع نوعا من الفكر متناسب لها.
وعلينا أن نقيم نظرية الدورات الحضارية، أو نظرية التحدي والتحدي المعاكس، في تفسير تحولات التاريخ؛ نقيمها وفق رؤيتنا إلى المنطق الاجتماعي، وانه لا يعدو ان يوجد نوع من الضغوط على الفرد، للفرد أن يتحداه، وله أن يستجيب ويستسلم له.