أما الذين يحملون في داخلهم قلوباً طاهرة، والذين يقول عنهم ربنا
تبارك وتعالى (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)[1]
أي أولئك الذين طهر الله قلوبهم بالإيمان والتقوى والتزكية، فهم حينما يقرؤون
الكتاب الكريم؛ يقرؤونه بطريقة أخرى، فإذا بلغوا آية فيها ذكر للعقاب قرؤوها
مخاطبين أنفسهم، بها حيث تمر على أذهانهم جميع صور العذاب الإلهي الأليم، وكأنهم
يتعرضون له قبل غيرهم، أو كأنهم هم المعنيون بها دون غيرهم وإذا قرؤوا آية فيها
ذكر الثواب والبشارة، مرت على خواطرهم صور الجنة والرضوان، حيث يكون المؤمن في
الدار الآخرة عند مليك مقتدر، فيبشرون أنفسهم بها، ويصممون على حيازة الجنة
الخالدة والرضوان الإلهي الكريم، فتراهم يسعون ويجتهدون حتى يصبحوا ممن تنالهم
رحمة ربهم وفضله، وأعظم بهما من رحمة وفضل.