حتى كان الرجل منهم يسحر أعين الناس، ويهتف بعزة فرعون لا باسم الله.
وعلى هذا فإن القرآن يحدثنا عن القيم، وعن الحق الذي قد يتجسد في شخص
أو جماعة أو أمة، أو في بلد معين، ولكن القرآن لا يحدثنا إلّا عن ما يجسده الشخص،
وعن ما يوجد في هذا البلد من قيم وحق.
ومشكلة الإنسان أنه يبحث عن المظاهر؛ فالعين ترى المنظر، والأذن تسمع
حركات هذا المنظر، ولكن العقل هو المسؤول عن التعمق والنفاذ بالبصيرة إلى الواقع
الكامن وراء هذا المظهر.
نصر الله
وهنا أريد التوقف عند حقيقة عرفانية تتجلى لي من خلال قوله تعالى: [إِنْ
تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ] [1]،
فالملاحظ أن القرآن هنا يعبِّر عن الحقيقة بلفظة (الله)، فهو لا يقول تعبيرات من
مثل (إن تنصروا الدين) أو (إن تنصروا الكتاب أو الرسول)، بل يقول: [يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ] فالحديث
هنا ليس عن شخص، ولا عن خط، ولا حتى عن قيم، بل القرآن أعلى وأسمى من أن يحجِّم
رسالته بتلك المفاهيم، بل يستخدم لفظة (الله) بكل جبروته، وعظمته.
ترى ماذا تعني هذه الكلمة، ولماذا لم يستخدم القرآن ألفاظاً أخرى؟