لأنهم أُخرجوا من ديارهم بغير حق، وحُرِموا حقَّهم في الإقامة في
بلادهم، فأُخرجوا منها تحت طائلة التهديد .. والسبب في إخراجهم من ديارهم، هو أنهم
كانوا يُؤمنون بالله تعالى ويدعون إلى وحدانيته، فكان إخراجهم إخراجاً بغير حق.
فهؤلاء المظلومون إنما صاروا مظلومين حين أُخرجوا من ديارهم، ولم
يُخْرَجوا من ديارهم إلَّا لأنهم أرادوا حكم الله لا حكم البشر، ونادوا بالانقياد
لقيادة إلهية دون القيادة الصنمية، وطالبوا بالاحتكام إلى الأخلاق الفاضلة
والثقافة الإلهية دون الأخلاق الرذيلة والثقافة الجاهلية .. وحيث قالوا ذلك ونادوا
به، أخْرِجوا بالقوة أو حُوصروا حتى اضطروا إلى مغادرة محالِّ سُكناهم، كما حدث
لأصحاب الكهف وهم الفتية الذين قاموا وقالوا: ربنا الله. فأوذوا في سبيل الله
الواحد الأحد حتى اضطروا إلى الهجرة ومغادرة وطنهم واللجوء إلى جوف كهفهم الشهير.
من هنا نعرف أن القتال الشرعي الوحيد هو القائم على المنطلق الديني،
وليس على منطلق آخر .. ذلك لأن القتال المشروع بحاجة إلى خلوص في النية، والخلوص
في النية لا يكون ما لم يكن العمل ضمن دائرة الدين، والدين لا يُبيح لأيٍّ كان أن
يَشُنَّ قتالًا؛ فَيَقتُل أو يُقتَل. أما الذي يقاتل بدافع التعصُّب لقومه
وعشيرته، وبحثاً عن مغانم الدنيا
نام کتاب : بينات من فقه القرآن(سورة الحج) نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي جلد : 1 صفحه : 169