نام کتاب : شرح توحید صدوق نویسنده : القمي، القاضي سعيد جلد : 1 صفحه : 277
حواصل رويّات همم
النّفوس محدودا مصرّفا» هذا بيان الشواهد الموروثة عن الحجج عليهم السلام و قد مضى
مرارا صورة برهانها. «لم يتناه في العقول» أي ليس من سنخها حتى تحيط العقول
بنهاياتها، إذ التعقّل انّما يكون بالإحاطة العقليّة و التأحّد في مرتبة من
المراتب الوجوديّة و كون المعلوم من سنخ العالم، و يكون هو سبحانه في محلّ يهبّ
عليه أفكار العقول؛ و يصير مكيّفا بكيفيّة المعلوميّة إذ العلم من الكيفيّات. شبّه
أفكار العقول بالرياح لأنّ «الفكر» عبارة عن حركة العقل و توجهه نحو الشيء حركة
عقليّة تشبه السكون؛ و حتّى يكون هو تعالى «محدودا» أي ذا حدّ و «مصرّفا» أي ممّا
يتصرف فيه بالتجريد و نحوه في حواصل رويّات النفوس الّتي يقصد تصوّر الشيء [1]. أفاد عليه السلام حيث نسب التناهي و
التكيّف الى العقول و التصرف و المحدودية الى النفوس، أنّ الإدراك العقلي ليس الّا
بتوجّه العقل نحو الشيء المعقول حركة عقليّة، فيحصل للمعقول التّناهي و كيفية
المعقوليّة و أمّا في إدراك النفوس فلا يمكن إلّا بالتجريد عن الغواشي فيحصل في
المعلوم تصرّف و تغيّر مع المحدوديّة اللّازمة للتصور العقلي، و كذا نسب الفكر الى
العقل لأنّه انّما ينشأ من ذات العقل و الرويّة، الى النفس لأنّها أعمّ من أن
يتمثّل من خارج أو يبدو من داخل.
[وجه
إنشائه تعالى الأشياء]
«المنشئ
أصناف الأشياء بلا رويّة احتاج إليها و لا قريحة غريزة أضمر عليها و لا تجربة
افادها من مرّ حوادث الدّهور و لا شريك اعانه على ابتداع عجائب الأمور» أي هو
الّذي أنشأ جميع أنواع الأشياء من غير أن يروّي أوّلا و يفكّر في