responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 28

نجد الفارسي يحتقر العرب ويحتقر كل شئ لهم إلا الدين وترى مهيارا الديلمي يقول:
- قد جمعت المجد من أطرافه * نسب الفرس ودين العرب - ومع كون الدين الاسلامي يمنع العصبية للأجناس ويضع فوقها أخوة المؤمنين خاصة كانت لا تزال ترى آثار العصبية الفارسية في بلاد الفرس بالرغم من مزج الاسلام للأجناس حتى قال الصاحب بن عباد وهو فارسي الأصل خالص العقيدة الاسلامية عندما جاء أحد الفرس وتلا الأبيات التي يفتخر بها على العرب وجاوبه عليها بديع الزمان الهمذاني: ما رأيت رجلا يفضل الفرس على العرب إلا وفيه عرق من المجوسية. ولما رسخت قدم الاسلام في الفرس وزال كل عرق للمجوسية منهم عشقوا التشيع عشقا كان أعظم عوامله كره العرب إلى أن كان الإنسان يراهم شيعة قبل كل شئ ومما ينسب إلى الفيلسوف الفرنساوي رنان أن الفرس شيعة أولا ومسلمون ثانيا ولا شك أن في هذا القول مبالغة وإنما يصدق على كثير من عامتهم اه‌.
أقول: وفي أصل هذا الكلام والتعليق عليه من الخبط والخلط ومخالفة الحقيقة ما لا يخفى. ومن المؤسف المخجل جدا أن الانحطاط قد بلغ بالمسلمين إلى حد أن صاروا يأخذون تاريخهم وفلسفة دينهم عن الفرنج كأنه ليس في الاسلام مؤرخ ولا فيلسوف نأخذ تاريخنا وفلسفة ديننا عنه كلا والله لسنا بحاجة إلى المؤرخ الأميركي والفيلسوف الفرنساوي وما علمهما بذلك، ولكن التقليد والاستسلام للغربيين في كل شئ وصغر النفوس أدى بهؤلاء إلى ذلك حتى أنهم اتبعوا في تقسيم آيات القرآن الكريم إلى أقسامها بعض الفرنج في كتاب يسمى تفصيل آيات الذكر الحكيم مطبوع بمصر، وجاء الدور إلى مؤلف كتاب حاضر العالم الاسلامي والمعلق عليه، وإذا أردنا أن نرفع التبعة فيما اشتمل عليه هذا الكلام الذي سمعته عن المؤلف وعن المعلق بان الأول يجهل السبب الحقيقي لانقسام المسلمين لأنه ليس منهم والثاني إنما كان ناقلا لما لا يعتقده أو أنه قد تبع فيه غيره من الذين أمالتهم العصبية المذهبية عن إدراك الحقائق، ولذا قال يذهب بعضهم، مما دل على عدم ارتضائه له أو توقفه في صحته يصدنا عن ذلك أن هذا الأمر ليس مما يخفى على متتبع منصف لا تصده ميوله الخاصة أو تقليده عن إدراك الحقائق.
ومواقع الخلل فيما قاله صاحب الأصل من وجوه: أولا قوله:
لما نقلت الخلافة إلى بغداد ازدادت كلمة الفرس نفوذا فالفرس الذين عناهم ينبغي أن يكونوا هم البرامكة وقد قضى عليهم الرشيد ولم يتغير بفقدهم شئ من أحوال الرشيد ولا من أحوال دولته فبأن أن ما كان عليه الرشيد ودولته ليس من أثر نفوذ البرامكة، وكون الرشيد على شاكلة ملوك الفرس ليس من أثر نفوذ الفرس فقد ابتدأ ذلك من عهد معاوية ولما عابه عليه عمر اعتذر بمجاورته للروم المقتضي لاظهار أبهة الملك فقبل عذره.
ثانيا أن ما ذكره من أن الاسلام الحقيقي سبب اعوجاجه والتوائه هو دخول الشعوب غير العربية فيه الخ غير صحيح فان أراد الاعوجاج السياسي فهذا كان مبدؤه وجله بل كله لا مدخل فيه لأحد من الشعوب الأخرى فأول نزاع وقع بعد موت النبي ص النزاع في أمر الخلافة وكان بين العرب. روى الطبري في تاريخه قال اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة فبلغ ذلك أبا بكر فاتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة فقال ما هذا فقالوا منا أمير ومنكم أمير إلى أن قال فبايعه عمر وبايعه الناس فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نبايع إلا عليا وروى الطبري أيضا قال أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فتواثبوا عليه فأخذوه اه‌ ثم وقعت الفتنة بقتل الخليفة الثالث وهي بين العرب ثم حصل حرب الجمل ثم حرب صفين ثم وقعة النهروان ثم حروب الخوارج في عهد معاوية وبعده وكلها بين العرب أنفسهم ثم وقعة كربلاء ووقعة الحرة وحرب التوابين والمختار وفتنة ابن الزبير وكلها بين العرب ثم حرب بني العباس مع بني أمية وأخذ الملك منهم وكلهم من العرب.
وإن أراد الاعوجاج الديني بدخول البدع في دين الاسلام ودخول الظلم والجور والفواحش والمنكرات في دولة الاسلام فأقل نظرة في تاريخ الاسلام توضح لنا أن ذلك لم يكن من الشعوب الأخرى فالبدع ابتدأ ظهورها في العصر الأول والظلم والجور وارتكاب الفواحش والمنكرات كان يقع ممن تربعوا على سرير الخلافة وتسموا بإمرة المؤمنين في الدولتين الأموية والعباسية وقد اعترف بذلك صاحب الكتاب بقوله: اتخذوا الخلافة وسيلة للجور والظلم والتباهي بمتاع الدنيا وقوله: أما في دمشق وبغداد فقد تحولت الأحوال وتبدلت الأمور وقوله: وفي بغداد كما في غيرها كان الاستبداد مقوضا لأركان الدولة إلى قوله: الخطايا. فهل كان الباعث على ذلك دخول شعوب غير عربية في الاسلام؟ كلا فان دخول شعوب غير عربية في الاسلام لم يحمل ملوك بني أمية ولا ملوك بني العباس على الظلم والاستبداد وشرب الخمور وارتكاب الفجور وسفك الدماء. ومن يتشدق بهذه الأقوال يقول إن دولة بني أمية دولة عربية لم يدخلها غير العرب بخلاف الدولة العباسية مع أن دولة بني أمية أول دولة أذلت العرب وقوضت أركانهم وفرقت شملهم وبثت الفتن بينهم وأثارت العصبية القبلية الجاهلية فيهم [1] وكانت مع الدولة العباسية كفرسي رهان في الظلم والقبائح.
رابعا استدلاله على ذلك باستحالة الوحدانية التي نادى بها النبي ص في بلاد فارس إلى مذهب الشيعة الموجب لضعف الصلة بينهم وبين السنيين بعيد عن الحقيقة بعد السماء عن الأرض، فالوحدانية لم تستحل إلى مذهب الشيعة في بلاد فارس في وقت من الأوقات، فبلاد فارس بعد الفتح الاسلامي لم يكن فيها اسم شيعي وسني لأن هذا الاصطلاح قد حدث في دولة بني العباس، وقبل ذلك كان يشمل الكل اسم الاسلام ولما حدث هذا الاصطلاح كان الغالب على بلاد فارس التسنن وذلك بعد انتشار


[1] والأمويون هم الذين بذروا بذرة الشعوبية وتعهد ها حتى نمت وتأصلت، قال العلامة الآلوسي في كتاب بلوغ الأرب، وقال الأستاذ حسن السندوبي المصري في حواشي كتاب البيان والتبيين للجاحظ: الشعوبيون يذهبون إلى تحقير شأن العرب، ومنشأ ذلك إن زياد ابن أبيه لما استلحقه معاوية بأبي سفيان علم إن العرب لا تقر له بذلك مع علمهم بنسبه فعمل كتاب المثالب وألصق بالعرب كل نقيصة.
ويقول العلامة الزنجاني: كان سبب تأليف هذا الكتاب معاوية لأنه أدعى أن زياد بن أبي سفيان وأخو معاوية. وقال الأستاذ السندوبي أيضا: وكان هشام بن عبد الملك قد أمر النضر أبن شميل وخالد بن سلمة المخزومي فوضعا كتابا في مثالب العرب ومناقبها " ح ".

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست