وتكون للتبعيض ، كقولك : أخذت بزمام البعير ، ومسحت بالحائط. والمراد به البعض.
وعلى هذين الوجهين يفسر قوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ )[١]. قيل : الباء للإِلصاق ، فيجب مسح جميع الرأس. وقيل : هي للتبعيض ، فيجب مسح بعضه.
ويقال : إِنها بمعنى : « مِنْ » في قوله تعالى : ( يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ )[٢] أي منها. وقيل : الباء زائدة. ويروى قول الهذلي [٣] :
شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ
أي : من ماء البحر. ويروى : « تَرَوَّتْ بماء البحر ».
وتكون الباء بمعنى « في » كقولك : زيد بالدار : أي في الدار ، قال الله تعالى : ( لَلَّذِي بِبَكَّةَ )[٤] أي في مكة.
وتكون بمعنى « مع » كقولهم : كُلِ التّمر بالزّبد : أي معه ، وكقولهم : جاء القوم صغارهم بكبارهم أي مع كبارهم ، قال [٥] :
إِنَّكَ لْو ذُقْتَ الكُشَى بالأكْبادْ
لَمَا تَرَكْتَ الضَّبَّ يَعْدُو بالوَادْ
أي مع الأكباد. وعلى هذا فسَّر بعضهم قوله تعالى : ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ )[٦] أي معها الدهن.
[١]سورة المائدة : ٥ / ٦.
[٢]سورة الإِنسان : ٧٦ / ٦.
[٣]أبو ذؤيب ، ديوان الهذليين : ( ١ / ٥١ ـ ٥٢ ) ، وروايته بتمامه فيه :
تروت بماء البحر ثم تنصبت
على حبثيات لهن نئيج
وذكر شارحه رواية أخرى له هي :
شربن بماء البحر ثم ترفعت
متى لجج خضر لهن نئيج
وذكر محققه رواية : ثم تصعدت ومتى لجج سود
[٤]سورة آل عمران : ٣ / ٩٦.
[٥]الرجز بلا نسبة في اللسان ( كشي ). والكُشَى : جمع كُشْيَةٍ ، وهي : أصل ذنب الضب.
[٦]سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢٠.