نام کتاب : نافذة على الفلسفة نویسنده : الساعدي، صادق جلد : 1 صفحه : 83
٣ ـ نظرية الإمكان
الوجودي
وقد نسبت هذه النظرية إلى الفلاسفة
الإسلاميين وفي طليعتهم صدر المتألهين الشيرازي ، ومفادها : أن سرّ ارتباط المعلول
بعلته هو إمكانه وافتقاره الذاتي الوجودي. فالممكن في حد ذاته خلو من كل وجود ، وإذا
ما وجد فإنّ وجوده فيض من غيره ، فسرّ ارتباط المعلول بعلته إمكانه وافتقاره
إليها. [١]
وإليك توضيح الفكرة بأمثلة بيانية : إن
العلاقة القائمة بين العلة والمعلول علاقة ارتباطية لا استقلالية ، فإنك حين تقرأُ
كتاباً أو تنظر إلى صورة جميلة أو تصافح صديقا لك ، فإنه سوف توجد بينك وبين كل ما
تقدم علاقة ، وهذِهِ العلاقة تنتفي بمحض إعراضك عن تلك الأشياء ، إلا أن انتفاء
علاقتك بها لا يوجب انتفاء وجودها أو وجودك بل يبقى وجودك ووجودها على ما هو عليه
، وهذا يعني أن وجود كلٍّ من الطرفين مستقل عن الآخر ، وهذا هو معنى العلاقة
الاستقلالية القائمة بين الطرفين.
بينما تجد العلاقة القائمة بين حركة
اليد وحركة القلم علاقة تعلقية ، بمعنى أن حركة القلم تنتفي بمحض قطع علاقتها
بحركة اليد ، وهذا يعني أن العلاقة الحاكمة بين حركة اليد وحركة القلم علاقة
ارتباطية ، أي أن حركة القلم مرتبطة في وجودها بحركة اليد ، فلا وجود لحركة القلم
من دون حركة اليد ، وهذِهِ العلاقة
[١]ـ وقد وقع خلاف
بين الفلاسفة في أن الإمكان المذكور هل هو إمكان ماهوي ، بناءً على نظرية أصالة
الماهية ، أو أنه إمكان وجودي ، بناء على نظرية أصالة الوجود؟ والصحيح هو الثاني
على ما اختاره صدر المتألهين ، وتفصيل الكلام وبيان الخلاف موكول إلى دراسات أعمق.
وقد تقدمت الإشارة إليه فيما سبق عند البحث عن الماهية والوجود.
نام کتاب : نافذة على الفلسفة نویسنده : الساعدي، صادق جلد : 1 صفحه : 83