نام کتاب : نافذة على الفلسفة نویسنده : الساعدي، صادق جلد : 1 صفحه : 39
خلافهم ذهب
الإشراقيّون إلى القول بأصالةِ الماهية واعتبارية الوجود ، وكان في طليعة هؤلاء
شيخ الإشراق «شهاب الدين السهرَوَرْدي».
تشكك الوجود وتعدد
الماهية
إنّ إحدى الفروق التي يمكن الوقوف عليها
في مجال تمييز الماهية عن الوجود هو : أن الماهية تختلف وتتعدّد باختلاف الأشياء ،
فماهية الإنسان تختلف عن ماهية الشجر ، وهما يختلفان عن ماهية الحجر ... ، بينما
الوجود في كل الأشياء واحد مهما تكاثرت وتعدّدت ، إلا إنه قد يختلف شدّةً وضعفاً
من موجود إلى آخر ، فنور الشمعة أضعف من نور المصباح ونور المصباح أضعف من نور
الشمسِ وهكذا؛ فإن الوجود يبدأ بأضعف موجود وينتهي بأكمل موجود وهو الله ـ جل
اسمه وعلا مكانه ـ إلا أن الوجود واحد.
وبما أسلفنا يظهر أن الماهية تحدّد
حقائق الأشياء وتميّز بعضها عن البعض الآخر بعد اتحادها في الوجود ، فلولا الماهية
لم يتحقق التحديد والتشخيص في الموجودات ولم تتضح حقائقها. ومن أجل معرفة الفارق
بين الوجود والماهية تصوّرْ أن الوجود عجينة وضعناها في قوالب مختلفة ، فإنها
تتشخص بحسب القوالب التي صُبّت فيها ، فتكون اسطوانية أو مكعبة أو مخروطية ... ، فالعجينة
بمثابة الوجود المتحد في الجميع ، والقوالب بمثابة الماهيات المختلفة فيما بينها
بحسب اختلاف مواردها ومشخصاتها.
نام کتاب : نافذة على الفلسفة نویسنده : الساعدي، صادق جلد : 1 صفحه : 39