نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 110
والضغينة ، هو العمل
المجيد المُفصح عن ذاته ، بأنَّ الوحدة هي المِعول الباني ، وأنَّ الأُمَّة هي
الوحدة الصحيحة المُبعَدة عن أيِّ تفريط بطاقاتها المُنتجة خيراً لإنسانها النامي
، وكلُّها في حقيقة النهج المُتخلِّي عن كلِّ مكسب ذاتيٍّ ، على حساب مكاسب
الأُمَّة.
لا يصحُّ القول : بأنَّ نهج الحسن كان
مُغايراً لنهج أبيه ، إنَّ النهجين مِن مَعدن واحد. لمَّا كان السيف ناجحاً كأداة
في تقويم الأُمَّة ولَمِّ شملها ، امتشق السيف عليٌّ ، ووسَّع المعركة في الميدان.
ولمَّا كانت الكلمة ـ لا السيف ـ هي الأجدى في شرح الحَقِّ ، تكفكف بها لسانه ، وفاضت
معه على نهج البلاغة ، تدلُّ الناس إلى الحَقِّ العفيف ، كيف أنَّه يبني النفوس ، ويبني
الأُمَّة الصادقة ؛ ومِن هنا لا تزال الأُمَّة تُفتِّش عنه في كلِّ وقت وفي كلِّ
جيل ينحرف بها المسير عن الخط ِّالقويم ، وكذلك حاول الحسن أنْ يمتشق السيف ، ويُخلِّص
الأُمَّة مِن حيفٍ لحقها مِن تنطُّح مُعاوية على كرسيِّ الخلافة ، ولكنَّه اصطدم
بالحيف ذاته الذي عَطَّل به مُعاوية وعي الأُمَّة ، وأعادها إلى زعاماتها
المُتسابقة إلى حشد القبائل والاستنصار بها ، فاستنبط الصلح حَقناً للدماء ، ومنعاً
للتمادي في إثارة الأحقاد ، وتفكيك وحدة الأُمَّة. ستعرف الأُمَّة في غد أو في
أيِّ يوم آخر ، إنَّ صلح الحسن هو الذي حَقن دم البصرة ، ودم الشام ، ودم الأُمَّة
جمعاء في هُدنة ، على أمل أنْ يَطيب بها اللقاء ، وتصلح الأُمور ، وتستعيد
الأُمَّة عافيتها مِن الوعي الذي ينمو كالنور بين كلِّ صباحٍ وصباحٍ. وأظنُّ الآن
أنَّ معركة الحسن هي التي حقَّقت صحيح بحَقِّ الأُمَّة ، وهي التي ستبقى ماثلة
الحضور في نهجها الجميل ، في كلِّ لحظة أُخرى ، تتعرَّض بها الأُمَّة لأزمة
مُماثلة تُهدِّدها بالتفكك والانفراط ، إنَّ الأُمَّة الراشدة ـ ولو بعد ألف عام ـ
هي التي تجني مِن مُسوَّقات العِبَر.
كان الحسين في القافلة التي شدَّها
الحسن ، وسلَّمها الطريق الطويل مِن الكوفة إلى يثرب ، وفي جَعبته وثيقة الصلح
التي وقعها ومُعاوية ، لقد بقي الحسين صامتاً طول الطريق ، أمَّا الحسن فإنَّه أخذ
أخاه وضمَّه إلى صدره وهو يقول :
نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 110