responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني    جلد : 1  صفحه : 102

عليها؟ ولكنَّها لم تكن عُقدة يتمجَّد بها الفنُّ ، بلْ كانت حِقداً ذلَّت به الأُمَّة في مداها الطويل مِن عمرها المهدور ، ونعمت بالعِزِّ والمَجد والكرامة ، في اللحظة التي جعلها نبيُّها العظيم تتحرَّر منه. أمَّا العُقدة المَبنيَّة بحَذقٍ ودهاءٍ فهي التي راحت تتكشَّف عنها الأيَّام ؛ تنفيذاً لمبدأ صرَّح عنه مؤلِّف المسرحيَّة عندما قدَّمها لبعض المُشاهدين : لا تلتقي النبوَّة والرئاسة في بيت واحد. أمَّا التفسير الجليُّ للذين اعتنقوا المبدأ ، فهو السعي الحثيث للقضاء على كلٍّ مَن هُمْ أهل البيت ، وهكذا يتمُّ اجتثاث الجرثومة التي تُطالب بتوحيد النبوَّة في أهل البيت

لقد ابتدأت اللُّعبة كأنَّها زُحام وصولي إلى كرسيِّ مشيخة ، وانتهت إلى صراع آخر فيه كلُّ القصد للاقتلاع والإبادة ، ولقد كانت الهواجس تشتدُّ ويشتدُّ معها التحسُّب وأخذ الحيطة ، إلى أنْ انقلبت عند أهل البيت حِسَّاً بخطر مداهم في كلِّ لحظة. لقد أُبعد أهل البيت وكلُّ مَن يمُتُّ إليهم بصِلة عن أيِّ مركز مِن المراكز الإداريَّة في دولة الحُكم ، وليس هذا وكفى ، بلْ إنَّ الاضطهاد المُباشر راح يَطال الجميع دون أيَّة هَوادة ، ومَن يقول : إنَّ مَقتل الإمام الآن ـ بسيف ابن مُلجم ـ ليس مدفوعاً بذات الرغبة وذات الإيحاء؟

عجيبة غريبة هي الأساليب التي اعتمدوها واستعملوها ، وتفنَّنوا بإخراجها في ساحة الصراع ، إنَّ التنوُّع فيها كان يُضيِّع الفئة المُضطهدة في تمتين الحَيطة والتزام التحسُّب ، لأنَّ زمام المُبادرات كان دائماً بأيديهم ، وهو يكون على أقواه مع المُستقوي بالسلطان ، وكلُّ مُقدَّرات الناس في كفَّيه ، وكلُّ نيَّة الشَّرِّ ، والغَدر والبُهتان ، هي المُبيَّتة في صدره.

في هذه اللحظة ـ النازفة بالحُزن والمرارة ـ كانت تتفتَّح في نفس الحسين كآبة ، أوسع ما فيها أنَّها أغرقته في تأمُّل لا شَفة له ولا لسان ، إنَّه الحزين الكئيب ، ليس مُطلقاً على أبيه الذي غاب مثلما غاب جَدُّه وغابت أُمُّه ، بل على القضيَّة التي هي الرسالة ، والتي هي الأُمَّة ، والتي هي المَوئل الكبير الذي يردُّ الغائبين العظام إلى كلِّ واحة هُمْ فجَّروا ماءها ، وأحيوها ، وخلَّدوها في مَدارها الإنساني الرائع

نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست