نام کتاب : الإمام الحسن السّبط عليه السلام سيرة وتاريخ نویسنده : العذاري، السيد سعيد كاظم جلد : 1 صفحه : 84
ليس أحد منهم يوافق
آخر في رأي ولا هوى ؛ مختلفين لا نيّة لهم في خير ولا شر » [١].
وهذا الاختلاف من شأنه خلق البلبلة والاضطراب وعدم الوصول إلى وحدة في
القرار والموقف. فمنهم أهل الطمع ، ومنهم أتباع كلّ ناعق ، ومنهم الخوارج [٢].
ومنهم من له رغبة في الحصول على منافع ومكاسب من معاوية ، ومنهم من يتّبع
رئيس قبيلته أينما توجه دون تفريق بين الحقّ والباطل. وقد لعبت الأهواء
والشهوات والمنافع الذاتيّة دوراً كبيراً في تبدّل النوايا عمّا كانت
عليه من قبل ، وقد وصف الإمام الحسن عليهالسلام
هذه الظاهرة قائلاً : « كنتم في مسيركم إلى صفّين ودينكم أمام دنياكم ، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم » [٣].
فحينما يصبح أمر الدنيا مقدَّماً على أمر الدين وحاكماً عليه : فإنّه يغيّر
من
معادلة الصراع ومعادلة الموقف ، ويصبح المقاتل تبعا لمصالحه الذاتيّة التي
تغيّر من ولائه ومواقفه العمليّة. فلم تبق إلاّ القلّة المخلصة في ولائها
للإمام الحسن عليهالسلام ولنهجه السليم
كحجر بن عدي وقيس بن سعد وآخرين ، حيث إنّ معركة صفّين قد أدّت إلى فقدان
الكثير منهم ، إضافة إلى قيام معاوية بقتل الآخرين منهم كمحمّد بن أبي بكر
ومالك الأشتر. ومن الطبيعي أن يفرز تعدّد الولاءات وتعدّد الآراء ـ زيادة
على تقديم الدنيا على الدين ـ جملة من الظواهر السلبيّة ، كعدم الإخلاص في
القتال ، وضعف القدرة على الثبات والصمود إلى آخر المعركة ، وعدم الانقياد
للقيادة الصالحة.. وفي مقابل هذا التعاطف مع معاوية ، والاستعداد الفعلي
للغدر والخيانة ، والتأثّر بالإشاعات والحرب النفسيّة. وقد تحقّق ذلك
بالفعل بالالتحاق بجيش معاوية ، والاستعداد لتسليم الإمام عليهالسلام إليه ، زيادة على محاولات اغتياله عليهالسلام.