ففعل ذلك مِراراً ، فبصر به مرّة بن
مُنقذ بن النعمان العبدي [٢]
فقال : عليّ
فقال عروة عند ذلك : أي محمّد
(ص) ، أرأيت إنْ أستأصلت قومك؟ فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإنْ تكن
الأخرى! فوالله ، إنّي لأرى وجوهاً وأوشاباً ـ أي : أخلاطاً ـ من النّاس خلقاً أنْ
يفرّوا ويدعوك. وجعل يرمق أصحاب النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) بعينه. ثمّ رجع
عروة إلى أصحابه ، فقال : أيّ قوم والله ، لقد وفدت على الملوك ووفدت على : كسرى
وقيصر والنّجاشي ، والله ، إنْ رأيت ملكاً قط يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد
محمّداً (ص)! والله ، إنْ يتنخّم نخامته إلاَ وقعت في كفّ رجل منهم ، فدلك بها
وجهه وجَلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا
تكلّموا عنده خفظوا أصواتهم ، وما يحدوّن ، النظر إليه تعظيماً له! وإنّه قد عرض
عليكم خُطة رشد فأقبلوها ٢ / ٦٢٧.
وفي سنة (٨ هـ) في حرب حُنين
كان في جِرش ، يتعلّم صنعة الدّبابات والمجانيق ولمْ يشهد حرب حُنين ٣ / ٨٢.
وكان قد صاهر أبا سفيان على
ابنته آمنة ، فلمّا كان يوم حُنين تقدّم أبو سفيان مع المغيرة بن شعبة إلى الطائف
، فناديا ثقيفاً : أنْ آمنونا حتّى نكلّمكم. فآمنوهما ، فدعوا نساء قريش يخافون
عليهم السّبي ، فأبين عليهم ٣ / ٨٤.
وحينما انصرف رسول الله (صلّى
الله عليه وآله) عن أهل الطائف أتبع عروة بن مسعود أثره حتّى أدركه قبل أنْ يصل
إلى المدينة فأسلم ، وسأله أنْ يرجع إلى قومه بالإسلام. وكان عروة محبوباً في ثقيف
مطاعاً ، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام ورجا أنْ لا يخالفوه لمنزلته فيهم ، ولكنّهم
رموه بالنّبل من كلّ وجه فقُتل. فقيل له : ما ترى في دمك؟ قال : كرامة أكرمني الله
بها ، وشهادة ساقها الله إليّ ، فليس فيّ إلاّ ما في الشهداء الذين قُتلوا مع رسول
الله (صلّى الله عليه [وآله]) قبل أنْ يرتحل عنكم ، فادفنوني معهم. فدفنوه معهم. فروي
، أنّ رسول الله (ص) قال فيه : «إنّ مثله في قومه كمثل صاحب يس في قومه». ٣ / ٩٧ ،
كما في سيرة ابن هشام ٢ / ٣٢٥. وقضى رسول الله (ص) دَينه ودَين أخيه الأسود بن
مسعود من حلى اللاّت ، وثن ثقيف. ٣ / ١٠٠.
[١] وروى أبو الفرج
: أنّه جعل يشدّ عليهم ، ثمّ يرجع إلى أبيه ، فيقول : يا أبة العطش! فيقول له
الحسين (ع) : «اصبر حبيبى ؛ فإنّك لا تمسي حتّى يسقيك رسول الله (ص) بكأسه». فجعل
يكرُّ كرّةً بعد كرّةٍ / ٧٧.
[٢] نسبته إلى بني
عبد القيس. كان مع أبيه مُنقذ بن النّعمان في صفّين مع أميرالمؤمنين (عليه السّلام)
نام کتاب : وقعة الطّف نویسنده : أبو مخنف الازديي جلد : 1 صفحه : 242