فقال له محمّد بن الأشعث : إنك لا
تُكّذب ولا تُخدع ولا تّغرّ ، إنّ القوم بنو عمّك وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك.
وأُثخن بالحجّارة وعجز عن القتال ، فأسند ظهره إلى جنب تلك الدار ، فدنا محمّد بن
الأشعث ، فقال : لك الأمان. فقال [مسلم] : آمن أنا؟ قال : نعم ، وقال القوم : [نعم]
، أنت آمن. وقال ابن عقيل : أمَا لو لمْ تؤمّنوني ما وضعت يدي في أيديكم ، [فعلم
أنّه استسلم للأمان].
وأُتي ببغلة فحُمل عليها ، واجتمعوا
حوله وانتزعوا سيفه من عنقه ، فكأنّه آيس من نفسه فدمعت عيناه ، ثمّ قال : هذا
أوّل الغدر.
قال محمّد بن الأشعث : أرجو أنْ لا يكون
عليك بأس.
قال : ما هو إلاّ الرجاء ، أين أمانكم!
إنّا لله وإنا إليه راجعون ، وبكى.
فقال له عمرو بن عبيد الله بن عبّاس [السلمى
الذي كان على الرجال المبعوثين إليه] : إنّ مَن يطلب مثل الذي تطلب ، إذا نزل به
مثل الذي نزل بك لمْ يبك.
قال : إنّي والله ، ما لنفسي أبكي ولا
لها من القتل أرثي ، وإنْ كنت لمْ أحبّ له طرفة عين تلفاً ، ولكن أبكي لأهلي
المقبلين إليّ ، أبكي لحسين وآل
[١] فيما بأيدينا من
نسخ الطبري وغيره من الكتب ، جاء شعاع النّفس : شعاع الشمس. وذكر الشيخ السّماوي
في إبصار العين / ٤٩ : إنّ ذلك تصحيف ممّن لمْ يفهم شعاع النّفس ، فرأى : أنّ
الشعاع بالشمس أليق ؛ والمراد بشعاع النّفس : خوف النّفس ، يقال : مارت نفسه
شعاعاً ، أي : تفرقت نفسه كلشعاع الدقيق من الخوف ، فإنّ الشعاع هو المتفرق من
الشيء تفرقاً دقيقاً ، وقد جاء في الشعر :
أقول لها وقد طارت
شعاعاً
من الأبطال ويحك
لا تراعى
فالمعنى في الرجز : أنّ
النّفس استقرت بعدما خافت.
نام کتاب : وقعة الطّف نویسنده : أبو مخنف الازديي جلد : 1 صفحه : 135