أ ـ نافح أئمّة الهدى عن شريعة سيّد
المرسلين ، فأقاموا معالم الدِّين وأوضحوا السنن ونشروا ألوية الحق ، وهم يلقون
التعاليم كلّما وأتتهم الفرصة وسنحت لهم السانحة. وقد كابدوا في سبيل ذلك شتّى
البلايا والمحن ، وصابروا كلّما اعتكر الجو في وجوههم ، ونفّس عليهم أعداؤهم وحقد
عليهم الشانئون والمبغضون ؛ فقسمٌ قُطِّعت أمعاؤهم وفُتِّت أكبادهم ، وآخرون سيوفٌ
وزَّعت أوصالهم ، وسجون دامسة اُلقوا في غياهبها ، ولكن أنوار الحقِّ كانت كاشفةً
لظلماء الضلال ، وصدق الحقيقة مزهق للباطل الزائف ، وقد أنمحت قرون وأتت أجيالٌ ، وعلماءُ
شريعةِ بيت العصمة يحوطونها ، ويتكفلون مدارستها واستجلاء غوامضها واستكناه لبابها.
وقد حظيت علوم آل البيت (عليهم السّلام) بكثير من العناية ، وحفلت بكثير من
الإهتمام ، فزخرت اُمهات المدن الإسلامية بجهابذة أفذاذ ، وعلماء أساطين ؛ قعَّدوا
القواعد وفرّعوا الفروع ، وجالت أقلامهم في كلِّ ميدان ، وصالت مزابرهم في كل رحب
من رحاب العلم ، وركضت أفراسهم في كل مضمار من مضامير المعارف والعلوم.
ب ـ وأجدني لست بصدد الحديث عن هذه
العلوم التي ألّفوا فيها ، والفنون التي صنّفوا في مسائلها او أوقفوا أنفسهم
وحياتهم في صيانة نفائسها ؛ فإنّ مكتبات العالم الغربي ـ في كبريات مُدنه ـ تزخر
باعداد هائلة من تلك المؤلفات الجليلة ، وتزدحمت صالات معاهدها باُلوف المؤلفات
ممّا حررته أقلام اولئك الاساطين ؛ ناهيك بما تضمّه المدن الإسلامية في الشرق من
هذه المؤلفات الجليلة ، والمصنّفات العتيدة. وجاءت دُور النّشر والمعاهد العلميّة