responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مقتل الحسين عليه السلام نویسنده : المقرّم، السيد عبد الرزاق    جلد : 1  صفحه : 84

الكريم على رأسه ، ودعاهم إلى حُكمه. وحتّى إذا لم تجدِ هذه النصائح القيّمة فيهم ، ووضح لديه إصرارهم على الغيِّ والعناد لله تعالى ولرسوله (ص) ، كشف السّتار عن الإباء العلوي ، الذي انحنت عليه أضالعه ، ورفع الحجاب عن الأنفة التي كان أبناء علي (ع) يتدارسونها ليلاً ونهاراً ، وتلهج بباب أنديتهم ، فقال صلوات الله عليه :

«ألا وإنّ الدعيَّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين ؛ بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة. يأبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجورٌ طابت وطهرت ، واُنوف حميّة ، ونفوس أبيّة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا وإنّي زاحف بهذه الاُسرة على قلّة العدد ، وخذلان الناصر».

كيف يلوي على الدنية جِيدا

لسوى الله ما لواه الخضوعُ

ولديه جأش أردُّ من الدرعِ

لظمأى القنا وهنَّ شروعُ

وبه يرجع الحفاظ لصدرٍ

ضاقت الأرض وهي فيه تضيعُ

فأبى أن يعيش إلا عزيزا

أو تجلّى الكفاح وهو صريعُ [١]

هذه وصايا الشريعة المطهّرة ، وأحكامها الباتّة في الدعوة إلى الحقِّ ، والنّهضة لسدِّ باب الباطل. وكما ألزمت جهاد المضلّين المشركين أباحت ترك الجهاد للصبي ، والمقعد ، والأعمى ، والشيخ الكبير ، والمرأة ، والبالغ الذي لم يأذن له أبواه. لكن مشهد (الطفِّ) خرق ناموسها الأكبر ، وجاز تلك المقررات جرياً على المصالح والأسرار التي قصرت عنها أحلام البشر ، وقد تلقّاها أبيّ الضَيم (عليه السّلام) من جدّه المنقذ الأكبر ، وأبيه الوصي المقدَّم.

فالحسين (ع) لم يشرِّع سُنّة اُخرى في الجهاد ، وإنّما هو درسٌ إلهيّ أثبته اللوح الأقدس في عالم الإبداع ، محدد الظرف والمكان ، تلقّاه الأمين جبرئيل (ع) وأفاضه على حبيب الله وصفيه محمّد (ص) ، فأودعه صاحب الدعوة الإلهية عند ولده سيد الشهداء (ع).

فكلُّ ما يُشاهَد في ذلك المشهد الدامي من الغرائب التي تنحسر عن الوصول إلى كنهها عقول الرجال ؛ فهو ممّا آثر المولى سبحانه به وليّه وحجّته أبا عبد الله الحسين (ع).


[١] من قصيدة في الحسين (ع) للسيد حيدر الحلّي رحمه الله.

نام کتاب : مقتل الحسين عليه السلام نویسنده : المقرّم، السيد عبد الرزاق    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست